إن طلب بالبناء للمجهول به أي بالصلح من أولياء المقتول مطلقًا. وجد ما صالح به بيد أولياء المقتول أم لا، فيرجع في عينه إن كان باقيا، وفي مثله أو قيمته إن فات بذهاب عينه؛ لأنه كالمغلوب على الصلح أو طلبه أي كان الجاني خطئا هو الطالب للصلح، والحال أنه وجد ما دفعه في الصلح بيد أولياء المقتول كلا أو بعضا، فيرجع فيه وما فات أو تلف فلا شيء له فيه قِبَلَهُم، كمن أثاب على صدقة ظانا لزوم الثواب. قاله التتائي. ويحسب له وللعاقلة ولا يرجع عليهم بشيء. قاله عبد الباقي. وقوله:"إن طلب" شرط في الرد، وقوله:"أو طلبه" عطف على "طلب"، وحاصله أنه إذا كان هو المطلوب بالصلح يرد له ما دفع إن كان باقيا، فإن فات بذهاب عينه رجع بقيمته أو مثله، وإن كان هو الطالب رد له ما وجد بأيديهم وما فات لا شيء له فيه، ويحسب له وللعاقلة ولا يرجع عليهم بما حسب لهم. قاله الهاروني. وقال شيخنا البنوفري: بل يرجع على العاقلة بما حسب لها، ومقتضى نقل الشارح والمواق أنه لا يحسب له ولا للعاقلة، فهي ثلاث مقالات أظهرها من جهة النقل الأخيرة. قاله الأجهوري. وقد يقال أظهرها من جهة النقل ما للبنوفري. قاله عبد الباقي. واللَّه تعالى أعلم.
تنبيهان: الأول: قال الرهوني: انظر إذا لم يكن عجل ما ينوبه لكنه وقع الصلح على الحلول، هل يقضى عليه بتعجيله لانعقاد الصلح على الحلول أو يبقى إلى أجله المعتاد؛ لأن القبض له تأثير فلا يلزم من عدم رد ما قبض لزوم دفع ما لم يقبض؟ لم أر في ذلك نصا، والظاهر عندي الثاني. واللَّه أعلم اهـ.
الثاني: قال ابن عاشر: تأمل ما معنى وجوده، هل المراد أنه وجد على هيئته أو كيفما وجد؟ أو هل المراد أن قابضه صار عديما فلم يجد ما يقبض منه؟ تأمل. اهـ منه بلفظه. ونقله جسوس ولم يزد عليه شيئا. قلت: الثاني هو المراد، وبه جزم أبو علي ونصه: والمراد بالوجود وجود عينه كيف ما كان بدليل تشبيه هذا بمن أثاب عن صدقته. اهـ منه بلفظه. وفي الدر النثير من جواب لأبي الحسن ما نصه: هذه مسألة القاتل خطئا يظن لزوم الدية له فيدفعها ثم يعرف أنها لا تلزمه أو من عوض عن صدقته ظانا أنه يلزمه، ثم تبين أن ذلك لا يلزمه إن وجد ما دفع بعينه أخذه وإلا مضى لأنه سلطه عليه، وهذا إن وجد عين ما صالحه به وإلا فقد سلطه عليه. اهـ منه