وكلام ابن رشد الذي أشار إليه هو ما نصه: لا اختلاف أحفظه في أن الوكيل على شيء مخصوص لا يجوز له أن يوكل، ثم قال: وأما الوكيل المفوض إليه في جميع الأشياء فلا أحفظ في أنه هل له أن يوكل أو لا قولا منصوصا لأحد من العلماء المتقدمين، وكان الشيوخ المتأخرون يختلفون فيها والأظهر أن له أن يوكل. اهـ. وقال الشيخ أبو الحسن الصغير: للوصي أن يوصي بلا خلاف ويوكل والوكيل المخصوص ومقدم القاضي ليس لهما أن يوكلا بلا خلاف، ثم قال بعد كلام ما نصه:
فتحصل من هذا أن الوكيل المفوض يجوز له التوكيل على ما رجحه ابن رشد وغيره، وأما الوكيل غير المفوض فإن كان ممن يلي ما وكل فيه بنفسه فليس له أن يوكل في ذلك، وإن كان ممن لا يليق به أن يلي ذلك بنفسه فإن علم الموكل أنه لا يلي ذلك بنفسه فله أن يوكل، وأما إن لم يعلم بذلك فإن كان مشهورا عند الناس أنه لا يلي ذلك بنفسه فله ذلك ويحمل الموكل على أنه قد علم بذلك ولا يصدق في أنه لا يعلم، وأما إن لم يكن مشهورا بذلك فرضاه بالوكالة يدل على أنه المتولي حتى يعلم رب المال أنه لا يتولى وهو متعد بالوكالة وضامن للمال ورب المال محمول على أنه لم يعلم حتى يعلم أنه قد علم. اهـ.
تنبيهان: الأول: لو تعدى الوكيل ووكل حيث لا يجوز له التوكيل، فإن علم وكيله أي وكيل الوكيل بالتعدي فهو ضامن وإن لم يعلم فلا ضمان عليه. قاله ابن رشد في نوازله في آخر مسائل البيع قاله الحطاب.
الثاني: حيث يجوز للوكيل التوكيل، فقال ابن الحاجب وغيره: فلا يوكل إلا أمينا واللَّه أعلم. قاله الحطاب.
أو يكثر عطف على لا يليق لا على يليق لفساد المعنى؛ يعني أن الوكيل المخصوص إذا كثر الشيء الموكل فيه بحيث لا يمكنه فعله بنفسه إلا بمشقة فإنه يجوز له أن يوكل حينئذ وكيلا مشاركا له فيه: وليس له توكيله فيه استقلالا بخلاف ما قبله فلا ينعزل الثاني بعزل الأول؛ أي وإذا وكل الوكيل حيث يجوز له التوكيل كالوكيل الذي لا يليق به مباشرة ما وكل عليه فعزل الوكيل الأول فإنه لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول الذي وكله ولا بموته أي الوكيل الأول، وينعزل كل منهما بموت الموكل الأول وله عزل كل، كما أن للوكيل الأول عزل وكيله وسيأتي:"وانعزل بموت موكله إن علم" لخ، وقوله: "فلا ينعزل الثاني بعزل الأول، قال الخرشي: هذا إذا وكل