للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوعظه وزجره وإشهاد اللَّه عليه لعله يرجع، فإن أبى إلا الصول دفعه بالقتل عما قصده من قتل أو هتك حرمة بزنى بل.

وإن عن مال أي يجوز للمصول له أن يدفع الصائل عن نفس أو بضع أو عن مال، قال عبد الباقي: وبالغ عليه ليلا يتوهم أن مقاتلة المعصوم لعظمها لا تباح إلا للدفع عن النفس أو الحريم، فدفعه لحديث: (من قتل دون ماله فهو شهيد) (١). قاله ابن مرزوق. انتهى. وقوله: "صائل" أصل الصول في اللغة: الوثوب، قال في القاموس: صال على قرنه صولا وصيالا وصئولا وصولانا وصاوله مصاولة وصيالا وصيالة واثبه وتصاولا تواثبا، والمراد به هنا التسلط على ما لا يجوز من قتل أو جرح أو هتك حريم أو أخذ مال. واللَّه تعالى أعلم. قوله: "وجاز دفع صائل" أي ويدفعه بالأخف فالأخف ولا يقصد قتله ابتداء، فإن أدى إلى القتل قتله بقصد.

كما قال: وقصد قتله إن علم أنه لا يندفع إلا به يعني أنه يجوز للمصول عليه أن يقصد قتل الصائل إذا علم أن الصائل لا يندفع عنه إلا بالقتل، قال الشبراخيتي: وجاز قصد قتله أولا إن علم أنه لا يندفع إلا به، وقد يقال: ينبغي أن يكون القتل هنا واجبا لأنه به يتوصل إلى إحياء نفسه لا سيما إن كان الصائل غير آدمي. انتهى. وقال عبد الباقي: وجاز قصد قتله ابتداء إن علم المصول عليه أنه لا يندفع إلا به وثبت ذلك ببينة لا بمجرد قول المصول عليه.

تنبيهات: الأول: قال الرهوني عند قول المصنف "وجاز دفع صائل" الخ ما نصه: هذا مقيد بما إذا لم يكن فاعل ذلك الإمام أو نائبه، وإلا فيجب أن يسلم له ما طلب. راجع ما قدمناه أول الباغية. انتهى.

الثاني: قوله: "إن علم أنه لا يندفع إلا به" قال البناني: ظاهره كابن الحاجب أنه إذا لم يعلم لا يجوز، وأصل المسألة لابن العربي وهو إنما عبر بينبغي كما في ابن عرفة وابن شأس. انظر كلامه في المواق.


(١) البخاري، كتاب المظالم، رقم الحديث ٢٤٨٠. مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث ١٤١.