للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب: في العدة]

وهي لغة العدد قال تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وشرعا قال ابن عرفة: دليل براءة الرحم عدة واستبراء العدة مدة منع النكاح لفسخه أو موت الزوج أو طلاقه، فيدخل مدة منع من طلق رابعة نكاح غيرها إن قيل: هو له عدة، وإن أريد إخراجه قيل: هو مدة منع المرأة لخ: وقوله: فيدخل لخ، إذ قوله: منع النكاح، صادق بمنعه للرجل وبمنعه للمرأة ثم إن اقتصاره على دخول هذه فيه قصور؛ إذ تدخل بقية المسائل التي قيل: إن الرجل يعتد فيها، كأختها أو ضمتها أو خالتها، فلو قال: ونحوه، لكان أولى. قاله الشبراخيتي. وقال: قال الحطاب: ويظهر أن في حده للعدة دورا؛ لأن صرفة مدة منع النكاح تتوقف على معرفة العدة، فإنه قد تقدم أن من موانع النكاح كون المرأة معتدة، فتوقف معرفة كونها معتدة على معرفة كونها ممنوعة من النكاح دورٌ، فالأولى تعريفها بأنها المدة التي جعلت دليلا على براءة الرحم لفسخ النكاح أو لموت الزوج أو طلاقه؛ وأما تسمية مدة منع الزوج من النكاح إذا طلق الرابعة أو أخت زوجة أو من يحرم الجمع بينهما عدةً فلا شك أنه مجاز، فلا ينبغي إدخاله في حقيقة العدة الشرعية. انتهى. فإن قيل: يخرج من هذا الحد عدة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها من الوفاة لتيقن براءة رحمها، وكذلك من علم أن الزوج لم يدخل بها، فالجواب أن أصل وجوب العدة إنما هو للدلالة على براءة الرحم، فلا يضر عدم وجود العلة في بعض الصور، ولا لم يكن في قدر من يوطأ مثلها حد يرجع إليه من كتاب ولا سنة حمل الباب محملا واحدا فوجبت على من في المهد حسما للباب، فعلم أن أصل وجوب العدة إنما هو للدلالة على براءة الرحم ولا يضر عدم وجود العلة في بعض الصور. فتأمله. والله أعلم. قول الحطاب: على براءة الرحم، قال بناني: يعني أن هذا أصل مشروعيتها وإن كانت قد تكون في برية الرحم، وقول ابن عرفة: لفسخه، اللام فيه بمعنى بعد لأن الفسخ وما بعده ليست أسبابا لمنع النكاح بل لإباحته، وأورد عليه الرصاع أنه غير جامع لعدم صدقه على مدة إقامة أم الولد بعد موت سيدها فإنها عدة على المشهور، كما في ابن عرفة نفسه، وهو مذهب المدونة كما يأتي في الاستبراء إن شاء الله. انتهى.

تنبيه: قال ابن عبد السلام: ويجب الاعتناء بالعدة؛ لأن الله سبحانه أكد ذلك بقوله: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} واختلف المفسرون من المخاطب بالإحصاء هل الحكام أو المطلقون؟ وهو الأظهر، أو المطلقات، واختار