للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب: ذكر فيه الردة والسب وأحكامهما]

نعوذ باللَّه من سخطه وسوء قضائه ومكره، اللهم يا مثبتَ القلوب ثبت قلوبنا على دينك وحبّبْ إلينا الإيمان وزيّنْه في قلوبنا وكَرِّهْ إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلْنا من الراشدين، وهو باب كثير الوقائع ولكثرتها اختلفت الفتاوي لاختلاف المدارك وقد شفى الغليل فيها صاحب الشفلا والردة لغة: الرجوع عن الشيء، واصطلاحا قال ابن عرفة: كفر بعد إسلام تقرر بالنطق بالشهادتين مع التزام أحكامهما. انتهى. واحترز بقوله: مع التزام أحكامهما مما لو نطق بالشهادتين، ورجع قبل أن يقف على الدعائم فلا يكون مُرْتَدًا بَلْ يؤدب فقط كما يأتي، ونحو تعريف ابن عرفة تعريف المصنف حيث قال:

الردة كفر المسلم إذ لا يسمى مسلما إلا بعد تقرره، وكفره خروجه عن الإسلام لأي ملة؛ يعني أن الردة هي كفر المسلم أي المتقرر إسلامه، والكفر أعاذنا اللَّه وجميعَ المسلمين منه يحصل بأحد أمور ثلاثة فأحرى باثنين منها أو بها، إما بلفظ صريح كقوله: هو كافر أو مشرك أو كفر أو أشرك بتسكين آخرهما وإقرانهما بتاء مضمومة، اللَّهم اعصمنا من شر الفتن، وعافِنا من جميع المحن. وأصلحْ منا ما ظهر وما بطن. ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم. اللَّهم الأمانَ الأمانَ الأمانَ من زوال الإيمان، أعوذُ باللَّه أعوذُ باللَّهِ أعوذُ باللَّه.

أو لفظ يقتضيه أي يقتضي الكفر أي يتضمنه، كقوله: اللَّهُ جسمٌ متحيز، فإنه يقتضي الكفر باللَّه تعالى عن ذلك علوًّا كبيرا، وكقوله: عُزير ابن اللَّه تعالى اللَّه عن ذلك علوا كبيرًا، وكجحده ما علم من المدين ضرورة كالصلاة والصوم والحج ونحو ذلك، أو فعل يتضمنه يعني أن الكفر كما يحصل باللفظ الصريح يحصل أيضا باللفظ الذي يقتضيه، ويحصل أيضا بالفعل الذي يتضمنه. واعلم أن الكفر -نسأل اللَّه السلامة- يحصل أيضا بغير هذه الأمور الثلاثة كما يأتي في قوله: "أو شك في ذلك".

تَنْبيهَاتٌ: الأَولُ: مثل عبد الباقي لقوله: "بصريح" بما نصه: كقوله عزير ابن اللَّه، قال البناني: في تمثيله بهذا للصريح نظر بل هو من باب قوله: "أو لفظ يقتضيه"، وإنما الصريح أن يقول هو كافر أو مشرك مثلا كما لابن عبد السلام.