واعلم أن في حلف المرتهن فيما يغاب عليه قولين كما قررت، والذي مر عليه المص لابن مزين وهو في العتبية كما مر وعليه جماعة من متقدمي الشيوخ. وأما ما لا يغاب عليه ففي حلف المرتهن ثلاثة أقوال: أَحَدُهَا الحلف مطلقا، ثَانِيهَا عدمه مطلقا، ثَالِثُهَا يحلف المرتهن دون غيره. وَاعلم أن الرهن فيه شبه بالقرض وبالوديعة، فإنه لم يؤخذ لنفعة ربه فقط كالوديعة ولا لمنفعة الآخذ فقط كالقرض، بل أخذ شبها منهما فضمن ما يغاب عليه دون ما لا يغاب عليه.
تنبيه: قد مر أن قوله: "وضمنه مرتهن" تعتبر القيمة فيه يوم الارتهان أي يوم دفعه للمرتهن أو يوم الضياع، والقولان لابن القاسم، وقد مر أن الأول هو الراجح، وقد مر الخلاف فيهما هل هما وفاق أو خلاف؟ والذي عليه أكثر الشيوخ أن ذلك خلاف والقولان لابن القاسم. قال الرهوني: ظاهر كلام غير واحد ممن حمل قولي ابن القاسم على الخلاف أن الخلاف مطلق، وقيد ذلك الباجي في المنتقى، فقال بعد ما قدمناه: وهذا إذا لم يقوم الرهن يوم الارتهان، وأما لو قوم الرهن بعشرة دنانير فضاع فتلك القيمة تلزمه إلا أن يكونا قد زادا في قيمته أو نقصا فيرد إلى قيمته إذا علم بذلك، ووجه ذلك أن تقويمهما للرهن عند الارتهان اتفاق منهما على قيمته وإقرار بذلك فيحملان عليه بعد الضياع ويمنعان من إقراره على ذلك قبل الضياع. انتهى منه بلفظه. ونقله ابن عرفة مختصرا وسلمه. واللَّه أعلم. انتهى.
واستمر ضمانه إن قبض الدين يعني أن الرهن إذا كان مما يغاب عليه وقبض المرتهن الدين المرهون فيه فإنه يستمر ضمانه عليه إلى أن يسلمه لربه، وكذا الحكم لو وهب المرتهن الدين للراهن كما قال: أو وهب لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، ونبه على هذا ليلا يتوهم أن الرهن بعد قبض الدين أو هبته يصير كالوديعة، ولو قال المص: واستمر ضمانه إن برئ من الدين ليشمل ما ذكره وغيرَه، كما إذا أخذت المرأة رهنا بصداقها وتبين فساد النكاح وفسخ قبل البناء أو كان في نكاح التفويض الصحيح وطلق الزوج قبل الدخول لكان أحسن، وقال الحطاب عند قوله:"أو وهب": يعني أن من له على شخص دين برهن ثم إن رب الدين وهب الدين للمدين ثم ضاع الرهن فإن المرتهن ضامن له، قال في النوادر: وقاله ابن القاسم وأشهب، قال أشهب: