تنبيه: قال عبد الباقي وغيره تبعا للشارح: إن الهروب قبل إقامة الحد عليه لا يسقط عنه الحد، فالصواب أن يقول: أو يهرب في الحد، بحذف وإن، وأجابوا بأن الواو للحال ونقض ذلك البناني ومصطفى حتى قال مصطفى: لم أر هذا التفصيل في الهروب لغير الشارح ومن تبعه، ولم يعرج على ذلك التتائي في كبيره، بل صرح بإبقاء كلام المصنف على ظاهره. انتهى. وقال الرهوني: قول البناني عن مصطفى: لم أر هذا التفصيل في الهروب لغير الشارح لخ يوهم أن مصطفى سلم كلام المصنف ولم يشر للبحث فيه أصلا، وليس كذلك لأنه زاد ما نصه: وانظر نسبة النووي في شرح مسلم والقسطلاني في شرح البخاري لمالك أن الهارب لا يقال بل يتبع ويرجم، وقد نقل الأبي كلام النووي وأقره ولم يذكر حكم الهارب في المدونة ولا في ابن عرفة ولا في التوضيح ولا ابن عبد السلام، إلا أن المصنف حافظ. انتهى.
قلت: كلام الباجي في المنتقى صريح في أن الهروب والرجوع سواء، فإنه لا ذكر الخلاف في قبول رجوعه قبل الشروع في إقامة الحد عليه ثم رجع ولم يعتذر عن إقراره أَوَّلًا، قال ما نصه: مَسْأَلَةٌ: وهذا إذا رجع قبل ابتداء إقامة الحد عليه، فإن شرع في إقامة الحد عليه ثم رجع فقد روى ابن المواز عن ابن القاسم: إن نزع بعد أن جلد أكثر الحد أقيل، وإن لم يرجع يعُذْر، وقال أشهب وعبد الملك: يقال ما لم يضرب أكثر الحد فَيُتَمُّ عليه. وجه القول الأول ما روي في حديث ماعز أنه لما أذْلَقَتْهُ الحجارة حفز فرماه بظلف فقتله، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: هلا تركته فيتوب فيتوب اللَّه عليه، وبهذا احتج ابن عبد الحكم فالاحتجاج على ما قبل الرجوع المذكور بحديث الهروب المذكور ظاهر في أن حكمهما سواء، ونحوه في التوضيح فإنه قال بعد ذكر قول ابن القاسم ما نصه قيل وهو قول جماعة العلماء، وقد هرب ماعز لما رجم فاتبعوه، فقال لهم: ردوني إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فلم يردوه، فقال لهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:(هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب اللَّه عليه)(١). انتهى.
(١) سنن أبي داوود، كتاب الحدود، رقم الحديث، ٤٤١٩. ولفظه: أن يتوب، ومسند أحمد، ج ٥ ص ٢١٧.