فصل في الحيض والنفاس: والحيض لغة: السيلان من قولهم حاض الوادي إذا سال، وحاضت السمرة إذا سال منها ماء أحمر كالدم، وقيل: الاجتماع لاجتماع الدم، ومنه الحوض لاجتماع الماء فيه. وَرُدَّ بأن الحوض واوي وهذا يأتي، وأول من امتحن به حواء لإعانتها آدم على أكل الشجرة عقوبة لها، وقيل: أول من امتحن به نساء بني إسرائيل. أخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور في مسنده عن ابن مسعود قال: كان نساء بني إسرائيل يصلين مع الرجال في الصف فاتخذن قوالب يتطاولن فيها تنظر إحداهن إلى صديقها، فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد، وفي لفظ فألقي عليهن الحيض فأخرن. قال ابن مسعود: فأخروهن من حيث أخرهن الله. وأخرج عبد الرزاق عن عائشة: كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرحلا من خشب ليتشوفن الرجال في المساجد، فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة. وعرفا: أشار له المص بقوله: الحيض دم يعني أن الحيض دم خرج بنفسه إلى آخر ما يأتي للمص من تمام تعريفه، والحيض أعم من الحيضة؛ لأنها إنما تطلق على ما إذا تقدمها طهر فاصل، وتأخر عنها طهر فاصل. كصفرة يعني أن الصفرة من أنواع الحيض؛ فهي كالدم الخالص، والصفرة شيء كالصديد تعلوه صفرة وليس على شيء من ألوان الدم القوية والضعيفة. أو كدرة بضم الكاف: شيء كدر ليس على ألوان الدم؛ يعني أن الكدرة من أنواع الحيض فهي كالدم الخالص.
وحاصل كلامه أن الحيض إما دم وإماصفرة وإما كدرة. ولم يعطفهما على الدم بل شبههما به إشارة إلى انحطاط رتبتهما عن الدم الخالص المتفق على كونه حيضا لأجل الاختلاف فيهما، وكون الصفرة والكدرة من أنواع الحيض هو المشهور؛ وهو مذهب المدونة كانتا في أيام الحيض أم لا. وقيل: إن كانتا في أيام الحيض فحيض، وإلا فلا. وهذا القول لابن الماجشون، وجعله المازري والباجي المذهب. وقيل: ليستا بحيض مطلقا، واستدل ابن الماجشون بقول أم عطية:(كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا (١)). قال الإمام الخطاب: وقد اقتصر ابن يونس على قول ابن الماجشون فأوهم أنه المذهب، ونصه: قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون: إذا اغتسلت لحيض أو