فصل: في حكم صلاة الجماعة، وأول من صلى جماعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من الغار في الصبح: وإنما كانوا يصلون فرادى، وأركان الجماعة أربعة: مساجد تختص بالصلاة، وإمام يؤم فيها، ومؤذن يدعو إليها، وجماعة يجمعونها. أما المسجد؛ فيبنى من بيت المال، فإن تعذر فعلى الجماعة بناؤه من أموالهم، ويجبرون على ذلك؛ لأن ذلك إحياء للسنن الظاهرة، فلا رخصة في تركها، وإن وجد متبرع بالأذان والإمامة فلا إشكال، وإلا فعليهم استئجارهما لخفة مؤنته دون بناء المسجد. وقيل ذلك من بيت المال كبناء المسجد، ولابد في المؤذن أن يكون عارفا بالوقت أو مقلدا لمن يعرفه، وأما الجماعة فإن امتنعوا من الاجتماع أجبروا على إحضار عدد يسقط به الطلب، وذلك ثلاثة ولا يكتفى باثنين، وإن كانا أقل الجمع إذ لا تقع بهما شهرة، فإن كانوا من أهل الجمعة طلب منهم عدد تقوم به الجمعة، والمسجد، والإمام والمؤذن: على ما مر قريبا. وعد المسجد والمؤذن من أركان الجماعة إنما هو باعتبار ما يطلب به أهل البلد، وإلا فالجماعة تصح بدونهما، ولذا شرط في الجماعة أن تكون فوق اثنين، وإن كانت في نفسها تحصل بواحد مع الإمام.
تنبيه: في التحقيق عن ابن عبد الحكم: من سأل في المسجد فلا تعطوه، وأمر بحرمانهم وصرفهم خائبين، وفيه أيضا: وينزه المسجد عن غرس الشجر، فإن وقع قطع، فإن لم يقطع فهي حلال للفقير والغني؛ لأن سبيل ذلك كالفيء. الجزولي: لا ينبغي لأحد أن يقدم على أكلها خشية ما يلقى من الهوان وقد شاهدت ذلك. انتهى.
الجماعة بفرض؛ أي فعل الصلوات الخمس في جماعة أي بإمام، ومأموم سنة، وقوله:"بفرض"، عيني حاضر، أو فائت، وبما قررت علم أن المراد بقوله:"فرض"، الصلوات الخمس، وأما غير الفرض، فقال الحطاب: أما إخراج النوافل فظاهر؛ لأن الجماعة لا تطلب فيها إلا في قيام رمضان على جهة الاستحباب. وأما السنن فغير ظاهر؛ لأن الجماعة في العيدين والكسوف والاستسقاء سنة، وقال الرماصي، وقد صرح عياض في قواعده بالسنية في الثلاث. انتهى. نقله الشيخ بناني. وقال: قد نص ابن الحاجب في باب الكسوف على أن الجماعة فيه مستحبة، والظاهر ما قاله الحطاب من السنية لمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك، وفعله في جماعة