للمسألة عن وجهها، والضمير في "ذريته" للرسول، والضمير في "آبائه" للفظ "أحد"، ولو قال: وفي قبيح لآباء أحد ذريته لكان أبين. انتهى.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: وبهذه النسخة يتضح المعنى؛ إذ نسبة القبيح لآبائه يحتمل تطرق ذلك للنبي صلى اللَّه عليه وسلم، وأما إسقاط في آبائه فإنه يقتضي أنه لا تجوز الشهادة على من فعل من ذريته عليه الصلاة والسلام ما يترتب عليه بسببه الحد، وهذا لا يقوله أحد. وقال الشبراخيتي: إن النسخة التي أسقط فيها في آبائه صحيحة ومعناها أنه يشدد عليه الأدب في نسبة قبيح لأحد ذريته عليه الصلاة والسلام، ولو نسب قبيحا لغير أحد من ذريته أدب دون تشديد عليه وعلى هذا يقيد بغير ما مر. واللَّه تعالى أعلم.
فَائِدَةٌ: قال الرهوني: مما يندرج تحت هذه الكلية أن يقال لأحدهم: إن نسبه ظني ونحو ذلك من العبارات، واستدل الإمام ابن العربي الحاتمي بقوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، على أن أقارب النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا يعذبون على المعاصي، فيعتقد في كل مؤمن منهم عاص أنه لا يلحق به الوعيد في الآخرة، قائلا: علق الحكم بالإرادة التي لا تتبدل أحكامها، وتبعه على ذلك غير واحد من الأئمة الأعلام كالشيخ زروق في نصيحته وقواعده، واعترضه الإمام العلامة النظار أبو عبد اللَّه سيدي محمد بن قاسم القصار بما نصه: قول القائل إن أهل البيت يعتقد أن اللَّه لا يعاقبهم، إن أراد تغليب الرجاء في حق من علم اللَّه تعالى أنه منهم على الخوف فحق، وإن أراد بالاعتقاد الجزم المطابق بأنهم لا يعاقبون فقد ابتدع وخالف أهل السنة، فإن قيل: ورد به ظواهر، قيل: ورد أكثر منها وأوضح في حق فاعلي طاعات، حتى قال المبتدعة المرجئة، لا يعاقب مؤمن وأبى أهل السنة [وأعداء (١) اللَّه لأهل البيت] من يوهمهم ذلك بل يذكر لهم نحو: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}، وأن كثيرا من تلك الظواهر قد لا تشملهم، فمن اعتقد ذلك منهم أو من غيرهم فهو المبتدع، بل مذهب أهل
(١) كذا في الأصل والذي في الرهوني ج ٨ ص ١١٣ وأعدى عدو لأهل البيت.