إن تعددوا، وإن كان المدعى عليه القتل واحدا حلفها كلها، وإنما حلفوا كلهم حيث تعددوا لأن كل واحد منهم على البدل مُتَّهَمٌ بالقتل، ولا يضر كونه لا يقتل بالقسامة إلا واحد لأن كل واحد منهم غريم، فمن حلف برئ من القتل لكنه يضرب مائة ثم يحبس سنة كما مر، ومن نكل منهم حبس حتى يحلف خمسين يمينا أي يسجن أبدا حتى يحلف، فإن لم يحلف خلد في السجن ما دام ممتنعا من الحلف، ففي المدونة قال مالك: والتهم بالدم إذا رُدَّتْ عليه اليمين لا يبرأ حتى يحلف خمسين يمينا ويحبس حتى يحلفها. انتهى منها بلفظها. قال أبو الحسن: وظاهر قوله: "حبس حتى يحلف" أنه يحبس أبدا، وقيل بنفس النكول يلزمه العقل، وقيل إذا طال سجنه أطلق، وعلى ما في المدونة اقتصر ابن يونس، وقال: إنه قول مالك وأصحابه.
تنبيه: وقع في شرح عبد الباقي هنا ما نصه: ومن نكل من المدعى عليهم القتل حبس حتى يحلف، فإن طال أزيد من سنة ضرب مائة، وأطلق كما في الجلاب إلا أن يكون متمردا فيخلد في السجن. انتهى.
قال الرهوني: قول الزرقاني: فإن طال أزيد من سنة ضرب مائة وأطلق كما في الجلاب فيه نظر من وجود: أحَدُهَا أن الجلاب لم يحد الطول بما عزاه له، ثَانِيهَا أن الجلاب لم يقتصر على ضرب مائة بل زاد مع ذلك حبس سنة، ونص الجلاب: فإن نكل المدعون الدم عن القسامة ورُدَّت الأيمان على المدعى عليهم، فإن نكلوا حبسوا حتى يحلفوا فإن طال حبسهم تركوا، وعلى كل واحد جلد مائة وحبس سنة. انتهى منه بلفظه. ثَالِثُهَا أن حَمْلَ المصنف على ما للجلاب خلافُ ظاهره وخلاف مقتضى مختاره في التوضيح، وقد نبه على هذا التاودي والبناني، قال الأول: فالأولى حمل كلامه عليه. انتهى. وقال الثاني: وعليه ينبغي أن يحمل كلامه هنا. انتهى. ومختاره الذي أشار إليه في التوضيح، قال البناني: الذي استظهره في التوضيح هو الحبس حتى يحلف وإن طال، قال: لأن من طلب منه أمر يسجن بسببه فلا يخرج إلا بعد حصول ذلك المطلوب. انتهى. وعليه ينبغي أن يحمل كلامه هنا. انتهى كلام البناني.
قال الرهوني: قلت: بل يجب حمل كلامه على ذلك الراجح كما دلت عليه المنقول، قال في المدونة: فإذا حلف خمسين يمينا برئ وإن نكل حبس حتى يحلف، ثم قالت: قال مالك: