والمتهم بالدم إذا ردت عليه اليمين لا يبرأ حتى يحلف خمسين يمينا ويحبس حتى يحلفها. انتهى. قال أبو الحسن: وظاهر قوله: "حبس حتى يحلف" أنه يحبس أبدًا، وقيل بنفدى النكول يلزمه العقل، وقيل إذا طال سجنه أطلق. انتهى. وعلى ما في المدونة اقتصر ابن يونس وزاد أنه قول مالك وأصحابه، ففيه أنه إذا وجبت القسامة بقول الميت أو بشاهد على القتل فردت الأيمان على المدعى عليه، فإنه يحلف هو وولاته أنه ما قتله، فإن نكل ها هنا حبس حتى يحلف أَوْ يُقِرَّ، فإن أقر قتل وهذا قول مالك وأصحابه. انتهى.
وفي المنتقى: فإذا قلنا يحبس إلى أن يحلف، فإن حبس وطال حبسه فقد روى القاضي أبو محمد: يخلى سبيله، وفي العتبية والموازية: يحبس حتى يحلف، وقال اللخمي: واختلف إذا نكل، فقال مالك وابن القاسم: يحبس حتى يحلف، وقال أشهب: إذا نكل كان عليه دية المقتول، وأرى أن يكون الأولياء بالخيار، فإن أحبوا حبس أبدا حتى يحلف أو يؤاخذوه بالدية ويضرب مائة ويحبس عاما. انتهى. ونقله ابن عرفة مختصرا بعد نقله كلام المدونة ولم يزد على ذلك، فهؤلاء جماعة لم يذكروا ما حمل عليه الزرقاني كلام المصنف، ولم يذكره أيضا المتيطي ولا صاحب المعين، ونص المتيطي: واختلف إذا نكل عن اليمين، فقال ابن القاسم: يسجن أبدا حتى يحلف، وقال أشهب: إن طال سجنه وأيس أن يقر أو يحلف كانت عليه الدية في ماله. انتهى.
وفي التوضيح ما يفيد أن ما ذكره عبد الباقي أحد أقوال ثلاثة: الحبس حتى يحلف خمسين يمينا وله أن يستعين، والدية والحبس حتى يحلف أو يطول، والقول الثالث جار على مسائل الطلاق والعتق، وقول التوضيح: لأن من طلب منه أمر يسجن بسببه فلا يخرج إلا بعد حصول ذلك المطلوب، فيه نظر؛ لأنه يوهم أن هذا مطرد مسلم في كل مسألة وليس كذلك، فإن مسألة الطلاق التي أشار إليها الخلاف فيها شهير، وقد ذهب هو نفسه فيها على خلاف هذا؛ إذ قال في الشهادات: فإن نكل حبس وإن طال دين. الرهوني: ظاهر كلام اللخمي وغير واحد أنه على قول أشهب بلزوم الدية له في ماله تلزمه عاجلا بلا سجن، وقد مر التصريح بلزوم العقل له عاجلا في كلام أبي الحسن، وهو خلاف ما مر عن المتيطي من أنه إن طال سجنه وأيس منه أن يقر أو يحلف تكون الدية في ماله. انتهى. واللَّه تعالى أعلم.