فصل: هو مصدر فصلت بين الشيئين إذا فرقت بينهما، ويقال في اللغة للحاجز بين الشيئين، وهو في الاصطلاح اسم الطائفة من مسائل الفن مندرجة غالبا تحت باب أو كتاب، ووجه مناسبة هذا الفصل لما قبله أنه تقدم أن الماء الذي تغير بطاهر طاهر، والماء الذي تغير بنجس نجس فاحتاج إلى بيان الأعيان الطاهرة من الأعيان النجسة، وبدأ بالكلام على الطاهر لأنه الأصل فقال الطاهر ميت ما لا دم له يعني أن الطاهر أنواع منها ميت الحيوان البري الذي لا دم له، والميت ما سلبت منه الحياة بغير ذكاة شرعية. قوله:"الطاهر" أي بالنسبة للصلاة، وأما بالنسبة للأكل فلا يؤكل إلا بذكاة كما يأتي. وقوله:"ما لا دم له" أي ذاتي فما لا دم له أصلا أو له دم منقول ميتتهما طاهرة كعقرب وخنافس وبنات وردان وكبرغوث وبق، قال الشيخ عبد الباقي: فإن وقع في طعام كعسل ومات به أخرج لعدم نية ذكاته وأكل الطعام وحده، وهذا إن تميز عنه كان قدره أو أقل أو أكثر، فإن لم يتميز أكل إن كان الطعام أكثر منه، فإن كان هو أكثر من الطعام لم يؤكلا كإن تساويا عند ابن يونس وهو المعتمد انتهى. وقال صاحب التلقين ما لا نفس له سائلة حكمه حكم دواب البحر لا ينجس في نفسه ولا ينجس ما مات فيه فيؤكل في الصور الست التي أشير إليها وهي: تميزه عن الطعام وعدمه وفي كل تساويا أو غلب الطعام أو ميت ما لا دم له وقد علمت أن الأول هو المعتمد. وقال الرماصي: إن ما قاله عبد الوهاب مبني على مذهبه أن ما لا نفس له سائلة لا يفتقر إلى ذكاة، وقال الشيخ محمد بن الحسن: التفصيل المذكور لا يجري في سوس الفواكه ودود الطعام لقول ابن الحاجب: ودود الطعام لا يحرم أكله مع الطعام، وسلمه في التوضيح وقال في البديع: قد أجمعوا على أكل الخل بدوده الذي مات فيه وعلى أكل الفول بسوسه، وتعقب ابن عرفة كلام ابن الحاجب بأنه لا يعرفه إلا لأبي عمر، ويرد تعقبه بكلام صاحب البديع لأنه إذا لم يصح الإجماع فلا أقل من أن يكون مشهورا، وأيضا ما لابن الحاجب هو الذي اعتمده شراحه التوضيح وغيره والبرزلي ونقل نحوه عن اللخمي، وتقدم حكم ما إذا مات في الطعام، وأما إن لم يمت به فيؤكل معه في الأقسام الستة إن نوى ذكاته، وإلا فلا فإن شك في قدره حال موته فالظاهر بل المتعين أكله لقاعدة أن الطعام لا يطرح بالشك، ومما لا دم له: الجدجد والزنبور والخنافيس وبنات وردان والجراد والنحل والدود والسوس، وما ذكره المص