من طهارة ميت ما لا دم له قال ابن رشد بلا خلاف، وقيل: المشهور الطهارة، ونقل سند عن سحنون أنها نجسة لكنها لا تنجس غيرها، وسمع ابن نافع وأشهب: لا بأس بأكل ما مات به خشاش وبينه إن باعه والخشاش مثلثة صغار دواب الأرض وشمله كلام المص، والزنبور الدَّبر أو أمير النحل جمعه زنابير والجدجد الصرار جمعه جداجد وهو كهدهد سمي بصوته، يقال: صر وصرصر إذا صاح، ويقال: صرار الليل وهو قفاز يشبه الجراد ويقال: أرض مزبرة ومعقرة ومثعلة أي كثيرة الزنابير وكثيرة العقارب وكثيرة الثعالب، وفي الشبراخيتي عند قوله:"ما لا دم له" أنه لا يوكل إلا بذكاة لقوله: وافتقر نحو الجراد لها إلا دود وسوس الفول والطعام وفراخ النحل فإنها تؤكل من غير ذكاة كما نص عليه ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام وابن هارون واختاره البرزلي وأقره في التوضيح وجرى عليه اللخمي وأبو عمر وهذا كله موجب ترجيحه خلافا لابن عرفة، وحديث [أنه أتِيَ بتمر فجعل يفتشه](١) محمول على أنه يعافه كالضب، وإذا وقع الخشاش في طعام فإن تميز أكل الطعام دونه، وإن لم يتميز فإن قل وكثر الطعام أكل كاختلاط قملة بكثير، فإن تساويا لم يؤكل على المعتمد انتهى. كما لو كثر عن الطعام وفي كتاب الشيخ الأمير المتولد من الطعام يؤكل مطلقا، وغيره إن كان حيا وجب نية ذكاته وإلا فإن تميز أخرج ولو واحدة وإلا أكل إن غلب الطعام لا إن قل أو ساوي على الراجح فإن شك هل غلب الطعام أو لا فلا يطرح للشك، وليس كضفدعة ميتة شك أبحرية أم برية فلا تؤكل لعدم الجزم بإباحتها أصالة، ويبين في البيع، وإذا وقعت في الطعام قملة يؤكل لقلتها وكثرته نص عليه ابن يونس ولعله مبني على مذهب سحنون أنها لا نفس لها سائلة، والبرغوث لا نفس له سائلة فلا ينجس بالموت إلا أن يجتلب دما ففيه قولان، وعلى هذا يجري قتله في المسجد. وقال سحنون في برغوث وقع في ثريد: لا بأس به أن يؤكل.
(١) عن أنس بن مالك قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه أبو داود في سننه، كتاب الأطعمة، رقم الحديث: ٣٨٣٢. - ابن ماجه، كتاب الأطعمة، رقم الحديث: ٣٣٣٣.