والبحري عطف على ما فهو مجرور يعني أن ميت البحر طاهر لخبر [هو الطهور ماؤه الحل ميتته](١)، وسواء مات حتف أنفه أو وجد طافيا أو أخرج حيا وألقي في النار أو دس في طين صاده مسلم أو مجوسي أو كتابي، وإذا وجد البحري في بطن طير ميت غسل، والبحري نسبة إلى البحر، والبحر لغة الاتساع ومنه فلان بحر؛ أي واسع العطاء والجود، وفرس بحر أي واسع الجري ولا تؤكل ميتة ما لم يدر أبري أم بحري، ولا تؤكل شاة ببطن خنزير ولا خنزير ببطن شاة إلا أن يكون ما ذكر من دواب البحر، ولا يؤكل طير البحر إلا بذكاة خلافا لعطاء ولو طالت حياته ببر يعني أن الحيوان البحري إذا كان لا يعيش إلا في البحر ولا تطول حياته بالبر فلا إشكال في طهارة ميتته، وإن طالت حياته في البر فالمشهور أن ميتته طاهرة وهو قول مالك، وقال ابن نافع وابن دينار ميتته نجسة ونقل ابن عرفة ثالثا بالفرق بين أن يموت في الماء فيكون طاهرا أو في البر فيكون نجسا وعزاه لعيسى عن ابن القاسم مثال البحري الذي تطول حياته في البر الضفدع البحري بتثليث أوله وثالثه، والسلحفاة البحرية بضم أولها وثالثها وبضم الأول وفتح الثاني وسكون الثالث: وهي الفكرون، ومن البحري أيضا السرطان بفتح السين والراء والطاء المهملات، وأما البري من ضفدع وسلحفاة وسرطان ونحوها فميتتها نجسة، والسلحفاة البرية لا تألف الماء أصلا وأخبر بعضهم أن الضفدع البري كذلك وأنه وضع منه واحدة في البحر فماتت لوقتها نقله الشيخ عبد الباقي، وفي الشبراخيتي التنظير في جواز وطء آدمية الماء واستظهر المنع والذي يظهر أنه لا وجه لتنظيره لأنها بهيمة أو كالبهيمة، والتمتع بذلك حرام لأن التمتع بما عدا الزوجة والأمة حرام ولذلك يؤدب واطئ البهيمة والله أعلم وما ذكي يعني أن المذكي طاهر ذكي بذبح أو نحر أو غيرهما وجزؤه يعني أن أجزاء المذكَّي كلها طاهرة، وأشار بهذا إلى أن السباع إذا ذكيت لأخذ جلودها فإن جميع أجزائها يطهر بالذكاة إن قلنا إن لحمها مكروه قاله الحطاب، قال: وهذا طريق أكثر الشيوخ أن الذكاة لا تؤثر إلا في مكروه الأكل ومباحه إلا محرم الأكل يعني أن محرم الأكل لا يطهر شيء من أجزائه بالذكاة خلافا لابن شاس القائل: تطهر
(١) هو الطهور ماؤه الحل ميتته. الموطأ، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٤٥.