للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب: ذكر فيه الشهادات وأحكامها وما انضم إليها]

ولم يعرفها المؤلف كابن الحاجب، وقال ابن عبد السلام: لا حاجة إلى تعريف حقيقتها؛ لأنها معلومة، ورده ابن عرفة بقول القرافي: أقمت ثمان سنين أطلب الفرق بينها وبين الرواية حتى وقفت عليه للمازري في شرح البرهان، قال: هما خبران غير أن الخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين بل هو عام في كل الخلق والأمصار فالرواية، كخبر (١) (إنما الأعمال بالنية) (٢) أو (الشفعة فيما لم يقسم) (٣) بخلاف قول العدول عند الحاكم: لهذا على هذا كذا إلزام لِمعين لا يتعداه فالشهادة. ابن عرفة: حاصل ما قرره المازري أن الشهادة هي الخبر التعلق بجزئي، والرواية المتعلق بكلي، وهو مردود بأن الرواية قد تتعلق بجزئي كخبر (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة) (٤) (وخبر تميم الداري في السفينة التي لعب بهم الموج فيها) (٥). فذكر قصة الدَّجَّال إلى غيرها من أحاديث متعلقة بجزئي، وكآية {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ونحوها كثيرٌ. اهـ. وعرف ابن معرفة الشهادة بأنها: قول هو بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن عدل قائله مع تعدده أو حلف طالبه: فتخرج الرواية، والخبر القسيم للشهادة، كإخبار القاضي بما ثبت عنده قاضيا آخر، فيجب الحكم بمقتضى ما كتب إليه لعدم شرط التعدد أو الحلف، وتدخل الشهادة قبل الأداء وغير التامة لأن الحيثية لا توجب حصول مدلول ما أضيفت إليه بالفعل حسبما ذكروه في تعريف الدلالة. اهـ. وعبر بقول دون خبر؛ لأنه أدخل الشهادة قبل الأداء، وهي قول لا خبر؛ لأنها من كلام النفس، والقول يطلق على كلام النفس لغة بخلاف الخبر، ومعنى الشهادة غير التامة التي لم تعدل، وإنما أتى بحيث ولم يقل قول يوجب على الحاكم سماعه لخ، لأجل إدخال الشهادة قبل الأداء والشهادة غير التامة؛ لأن الحيثية لا توجب حصول مدلول ما أضيفت إليه بالفعل حسبما ذكروه في تعريف الدلالة، حيث قالوا: كون اللفظ بحيث إذا أطلق دل، ولم يقولوا: لفظ دال، هذا ما


(١) في الأصل: لخبر، وانظر فروق القرافي ج ١ ص ٧٦.
(٢) البخاري، كتاب الأيمان والنذور، رقم الحديث ٦٣٨٩.
(٣) ابن حبان ج ٧ ص ٣١٠ رقم الحديث ٥٢ - ٦٢. والبيهقي ج ٦ ص ١٠٣ وفي البخاري، كتاب البيوع، رقم الحديث ٢٢١٤ قضى النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
(٤) البخاري، كتاب الحج، رقم الحديث ١٥٩١ ومسلم، كتاب الفتن رقم الحديث ٢٩٠٩.
(٥) مسلم، كتاب الفتن، رقم الحديث ٢٩٤٢.