وهو مشتق من اللعن ومعناه البعد فمعنى لعنه الله أبعده الله، وكانت العرب إذا تمرد الشرير منهم طردوه وأبعدوه ليلا يؤاخذوا بجرائره وسموه لعينا، فلما كان اللعن مذكورا في حق الزوج سمي التحالف الواقع بين الزوجين لعانا وملاعنة ولم يسم غضبا مع ذكره في حلف المرأة تغليبا للذكر ولسبقه وكونه سببا في لعانها، أو سمي لعانا لبعد الزوجين بسببه عن النكاح بتأبيد تحريمه؛ وعرف ابن عرفة اللعان في الشرع بقوله: حلف الزوج على زنى زوجته ونفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض، فخرج بقوله: اللازم، حمل غير لازم له كما إذا أتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم العقد أو كان خصيا فلا لعان فيهما ولو وقع اللعان بينهما لنفي حمل فأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم العقد بطل المهر ولم يتأبد عليه تحريمها بذلك اللعان لكون الحمل غير لازم له قال ابن عاصم:
وإن تضع بعد اللعان لأقل … من ستة الأشهر فالمهر بطل
وليس للتحريم من تأبيد … إذ النكاح كان كالمفقود
وخرج بقوله: وحلفها لخ، ما إذا حلف ونكلت ولم يوجب نكولها حدها كثبوته ببينة فلا لعان عليها ويلتعن هو لنفي الحمل، وخرج بقوله: بحكم قاض، لعان الزوج والزوجة من غير حكم فإنه ليس بلعان شرعي وحكى عياض الإجماع على أن من صفة اللعان أن لا يكون إلا بحضرة سلطان ونائبه الكبير بمعناه. انتهى. نقله الشبراخيتي. ابن عتاب: لاعَنَ ابنُ الهندي فعوتب فقال: أردت إحياء سنة قد دثرت. انتهى قال البرزلي: قول ابن الهندي: سنة قد أميتت، يعني صفة اللعان وقد أغنى الله عنه بما ذكر في القرآن والستر أولى، وإنما تستر بهذا الكلام حين عوتب وكانت ملاعنة ابن الهندي في المسجد الجامع بقرطبة سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة، وقد وقع اللعان في زمن الأمير يحيى بجامع الزيتونة ثم وقع مرة أخرى، ولا غرابة في وقوع سببه في هذا الزمان لكثرة المفاسد، فنعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. نقله الحطاب. واعلم أن حكم اللعان أنه إن كان لنفي نسب وجب وإلا فالأولى تركه بترك سببه، فإن وقع بأن ترك الأولى صدقا وجب لوجوب دفع معرة القذف والحد ولا أنزل الله سبحانه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية كان هذا الحكم عاما في الزوجات والأجنبيات ثم جعل الله