فصل: في بيع الخيار، وهو بيع وقف بَتُّه أوَّلًا على إمضاء يتوقع. قاله ابن عرفة. وقوله: أولا، متعلق بوقف، وخرج به ذو الخيار الحكمي أي خيار النقيصة، فإن بته لم يوقف أولا على إمضاء، فالحد لخيار التروي. قاله عبد الباقي. وقال: قال الشافعي -ونحوه لابن عبد السلام- لولا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاز الخيار أصلا في ثلاث ولا في غيرها؛ أي لأنه غرر، فهو مستثنى من بيع الغرر. انتهى. وقال بناني: قال ابن عرفة: المازري: في كونه رخصة لاستثنائه من الغرر وحجر البيع خلاف، وفي ثبوت الخيار مدة المجلس دون شرطه قولا ابن حبيب والمشهور. انتهى. الوانوغي: تظهر فائدة الخلاف في كون بيع الخيار رخصة أو عزيمة في وجهين، أحدهما: في الدليل الدال على جوازه، فإن قلنا: إنه عزيمة فالدليل الدال على إباحته هو الدليل الدال على إباحة سائر البيوع، وإن قلنا: إنه رخصة فدليله خاص به. والثاني: ما صرح به عياض فيما نقله عن ابن عتاب من أن ما رواه سحنون وأصبغ عن ابن القاسم من منع اشتراط الوضى لفلان مبني على أن الخيار لأحد المتبايعين رخصة مستثناة من الغرر والمخاطرة فلا يتعدى إلى غيرها.
إنما الخيار بشرط؛ يعني أن البيع يكون لازما للمتبايعين فليس لأحدهما الخيار في حل البيع إلَّا أن يشترطا أو أحدهما الخيار؛ يعني أن خيار التروي لا يكون إلَّا بالشرط لا بالمجلس، وقال عبد الباقي: حيث جرت العادة بالتروي عمل بها أيضًا لكونها كالشرط، وخرج بقوله: بشرطٍ، خيارُ المجلس، فإنه غير معمول به عندنا وعند أبي حنيفة، وهو قول الفقهاء السبعة؛ قيل: إلَّا ابن المسيب، وقيل: له قولان، واشتراطه في العقد يفسده لأنه مجهول، فيدخل في قول المص: أو مجهول؛ ولما ذكر في الموطإ حديث خيار المجلس قال عقبه: والعمل عندنا على خلافه؛ أي وعمل المدينة كالتواتر وهو يقدم على خبر الآحاد، وذكره في موطإه ليلا يتوهم أنه لم يبلغه. انتهى. وقال الحطاب: ونسب ابن حبيب الحديث للموطإ لينبه على أنه لا ينبغي أن يقال: مالك لم يبلغه الحديث، بل علمه ورواه، ونبه على أنه إنما ترك العمل به لما هو أرجح عنده.