للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل ذكر فيه التيمم، وما يتعلق به؛ وهو لغة القصد قال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} مأخوذ من الأم بفتح الهمزة، وهو القصد، قال تعالى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}، وقال الشاعر:

من أمكم لرغبة فيكم ظفرْ … ومن تكونوا ناصريه ينتصرْ

وشرعا: طهارة ترابية تتعلق بأعضاء مخصوصة على وجه مخصوص بنية. ويراد بالتراب جنس الأرض، أشار له الشيخ عبد الباقي، وغيره. والوجه المخصوص هو عدم الماء أو عدم القدرة عليه؛ وهو واجب كتابا وسنة وإجماعا. أما الكتاب فقوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} الآية وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: [جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل] (١) وما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: [كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فإذا هو برجل منعزل، فقال: ما منعك أن تصلي؟ فقال أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد] (٢))، وغير ما ذكر. وأما الإجماع فقد حكي غيرُ واحد أن الإجماع انعقد على مشروعيته، وعلى أنه من خصائص هذه الأمة لطفا من الله بها وإحسانا، وليجمع الله لها بين التراب الذي منه إيجادها، والماء الذي هو استمرار حياتها إشعارا بأن هذه العبادة سبب الحياة الأبدية، والسعادة السرمدية. جعلنا الله من أهلها. وقيل: لعلمه تعالى من النفس الكسل عن الطاعة، والميل إلى تركها، شرع لها التيمم عند عدم الماء ليلا تعتاد الترك، فيشق عليها معاودتها عند وجود الماء. وقيل: ليستشعر بعدم الماء موته، وبالتراب إقباره، فيزول كسله، وليست هذه أقوالا متباينة، بل جميعها مراد. قاله الشيخ إبراهيم.

والتيمم من خصائص هذه الأمة كالغرة، والتحجيل في الوضوء، والصلاة على الميت، والغنائم، وثلث الأموال في الوصايا، وسؤال الملكين، وإزالة النجاسة بالغسل، وكالغسل من الجنابة، وقبول التوبة من الذنب على الوجه المبين في موضعه، والحج، والجهاد، -وهذان- والوضوء، والغسل


(١) البخاري، كتاب التيمم، رقم الحديث: ٣٣٥، ولفظه: جعلت لي الأرض.
(٢) البخاري، كتاب التيمم، رقم الحديث: ٣٤٨.