يقع، ويستفاد من ذلك تأديب من قال: لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلتك بالأولى لأنه دون قوله: "لسببته" في إيهام التنقيص من غير قرينة، نعم إن قامت عليه قرينة قتل ولعله يحمل عليه فتوى بعض أشياخ الأجهوري بالقتل في هذه، وإنما لم تقيد مسألة المصنف بذلك على ظاهر ما لشارحه؛ لأن مدخول لولا يستلزم وقوع جوابها، وأما لو قال: لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلته فالظاهر تعين قتله لأن لفظه فيه تنقيص وإن لم يرده. انتهى.
وقال المواق: كتب قاضي كورة بياسة يسأل عن نازلة نزلت بغرناطة في رجل سب رجلا، فقال له: يشق عليك أن راجعتك باللَّه لو أن نبيا أو ملكا سبني لرددت عليه، وفي رجل عشار فهم من الغريم أنه يريد أن يشتكي به، فقال: اغرم واشتك إلى النبي، فراجعه ابن رشد فقال الحالف باللَّه: لو أن نبيا أو ملكا سبه متهاونٌ بحرمة الملائكة والأنبياء عليهم السلام يجب أن يؤدب على ذلك الأدب الموجع إلا أن يكون معروفا بالخير ممن لا يتهم في اعتقاده فيتجافى عن عقوبته ويؤمر بالاستغفار مما قال ولا كفارة ليمينه بحال، وأما العشار فيؤدب الأدب الموجع على كل حال. وأجاب ابن الحاج بنحو هذا وقال في الحالف أبعده اللَّه ونحاه: يضرب الضرب المبرح وكذا العشار الفاسق أسحقه اللَّه ومقته. انتهى.
تنبيهات: الأول: قال الحطاب: سئل البلقيني عن رجل أمسك غريما له، وقال: لو وقف عزراءيل قابض الأرواح ما سيبتُه إلا بحكم الشرع، فأجاب إذا كان مراده لو وقف لقبض روحي ما سيبته فلا يجب عليه شيء؛ لأنه إنما صدر ذلك بالنسبة إلى ما يتعلق بذلك، والمعنى لا أسيبه ولو كان في ذلك ذهاب الروح وهذا لا يتعلق بالملك صلى اللَّه عليه وسلم. انتهى. قلت: وأما لو قصد الاستخفاف بذلك فالظاهر أنه يؤدب كما ذكره في الشفا، وأشار إليه الشيخ بقوله:"لو سبني ملك لسببته" قوله ما سَيَّبْتُه أي ما أطلقته يعني الغريم. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه. واللَّه تعالى أعلم.
الثَّاني: قال الحطاب: سُئِلَ الشيخ عز الدين ابن عبد السلام الشافعي: ما تقول في رجل قال في ملإ من الناس وقد تكلم في حقيقة الفقير؟ فقال: الفقير الذي لا حاجة له إلى اللَّه فهل في إطلاق هذا القول شيء أم لا؟ وهل إذا ذكر لذلك تأويلا محتملا ولو على بعد يقبل ذلك منه أولا؟