أو خلط بغير مثل يعني أن الغريم إنما له الرجوع في عين ماله حيث لم يخلط بجنس غير جنسه، والحال أنه لم يتيسر تمييغ منه، وأما إن خلط بغير مثله ولم يتيسر تمييزه منه أي عزله عنه كقمح بشعير فإنه ليس له أخذه وإنما له المحاصة، ومن الخلط بغير المثل خلط قمح صحيح بمسوس، وأما إن خلط بمثله فإن ذلك لا يعد فوتا، بل له الرجوع فيه كما لو خلط بغير مثل وتيسر عزله عنه. واللَّه تعالى أعلم. وظاهر المص أن خلطه بغير مثله على وجه لا يفسده مع عدم تيسر عزله مفيت، كما لو اشترى من رجل عسلا ومن آخر خزيرة ثم فلس، وقال ابن المواز: إنهما أحق بذلك من الغرماء ثم وقف عن ذلك. انظر الرهوني.
قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: بان لك من هذا أن المص باق على عمومه.
أو سمن زبدهُ يعني أن من اشترى زبدا ففلس مشتري الزبد قبل قبض البائع ثمنه فوجد زبده قد سمن أي جعل سمنا أي دهنا فإن البائع ليس له أخذه لانتقاله وإنما له المحاصة، وسمن بضم السين وكسر الميم مشددة.
أو فُصِّل ثوبه يعني أن من اشترى ثوبا فعمله قميصا أو سراويل مثلا فإن ذلك ناقل له في الفلس، فإذا فلس مشتريه قبل قبض البائع ثمنه فوجد البائع ثوبه قد فصِّل فليس له أخذه، وإنما له محاصة الغرماء. وقوله:"أو فصل ثوبه" أي مثلا، وكذا لو اشترى خشبة فعمل المشتري منها بابا فإن البائع لا يكون أحق به في فلس المشتري، وإنما له المحاصة. هذا هو الذي في التوضيح وابن عرفة وغيرهما. خلاف ما في التتائي من أن ذلك ليس بفوت ونسبته للتوضيح. قاله البناني. واللَّه تعالى أعلم.
أو ذبح كبشه يعني أن من اشترى كبشا ففلس قبل أن يقبض بائعه ثمنه ووجد البائع الكبش قد ذبح، فإنه لا يكون أحق به بل يكون إسوة الغرماء. أو تتمر رطبه يعني أن من اشترى رطبا ففلس قبل أن يقبض بائعه ثمنه فوجد البائعُ للرطبِ رطبَه قد تتمر أي صار تمرا، فإن البائع لا يكون أحق بذلك التمر وإنما له المحاصة؛ لأن رطبه لم يبق على حاله، وقد علمت أن من شرط الرجوع في عين ماله أن يبقى الشيء المشترى على حالته لا إن انتقل عنها.
تنبيهات: الأوَّلُ: فهم من قوله: "ولم ينتقل" أن حوالة الأسواق لا تفيت وهو كذلك.