تنبيهات: الأول: قال الرهوني: ذكر الحطاب هنا ما محصله أنه لا يحبس في الحديد إلا من حبس في دم أو من يخشى هروبه، ولم يتعرض للحديد الذي يحبس فيه ما هو، وفي المعيار بعد أن ذكر جوابا لابن ورد (١) أن المحبوس بالدم يجعل في رجليه القيد ما نصه: قلت الشائع الذائع من فعل أمراء المغرب -أيدهم اللَّه- جعل السلاسل في أعناق الجُناة في المحلة وحال سوْقِهِمْ للنظر في جرائمهم - بين يدي الأمراء والفقهاء، وهو منكر عظيم يجب تغييره، وقد أشرت بذلك مرة فاحتج علي باتصال العمل مع شهادة العلماء الأكابر الجلة لذلك ولا نكير فأمسكت، فأنت ترى هذا الاحتجاج الركيك الساقط، وقد سئل الفقيه الإمام ابن عرفة عن تفسير قوله تعالى:{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ} فقيل له على مذهب الإمام مالك القائل بجواز القياس على فعل اللَّه: هل يؤخذ من الآية جواز فعل مثل هذا في العقوبات فقال لا يوخذ منها ذلك لأن هذه عقوبة أخروية وتلك عقوبة دنيوية، فقيل له: إن المشارقة يفعلونه، فقال: أخطئوا غاية الخطإ، ولم يذكر المالكية هذا إلا في اعتقال المحبوس للقتل إنما جعل الحديد في رجليه خيفة أن يهرب، وأما عنقه فلا يجعل فيه شيء، وقد كان بعض القضاة فعله قبل هذا وجهل في ذلك. انتهى. منه بلفظه. انتهى.
الثاني: قال الحطاب: قال في المقنع: ويحبس الأخرس فيما يجب عليه إذا كان يعقل ويكتب ويشتري كالصحيح، ويحبس الأعمى والمقعد ومن لا يدان له ولا رجلان وجميع من به وجع لا يمنعه ذلك من الحبس. انتهى. والظاهر أن معنى قوله: ومن به إلى آخره أن من به مرض فإن ذلك لا يمنع من حبسه. انتهى كلام الحطاب.
الثالث: قال الحطاب: وانظر أجرة الحباس على من؟ لم أر فيها نصا، والظاهر أنها كأجرة أعوان القاضي تكون من بيت المال، فإن لم يكن فتكون على الطالب إن لم يلد المطلوب ويختفي كذا نص عليه ابن فرحون في تبصرته واللَّه تعالى أعلم. انتهى.