للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: ذكر فيه حكم صلاة الاستسقاء، وسببها، وما يتعلق بذلك.

والاستسقاء بالد لغة طلب السقي؛ إذ الاستفعال غالبا لطلب الفعل كالاستفهام، والاسترشاد لطلب الفهم والرشد، ويقال: سقى وأسقى لغتان بمعنى ناوله الشرب، قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ}؛ وقال تعالى: {وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}، ويقال: أسقاه رباعيا دعا له بالسقي، قال الشاعر:

سقى الله جيرانا بأكثبة الحلمى … من العارض الهتان صوب عهاد

وإني متى أسقيتها أو بكيتها … هياما فما أسقيت غير فؤادي

والاستسقاء شرعا: طلب السقي من الله تعالى لقحط نزل بهم، أو غيره. اللخمي: الاستسقاء يكون لأربع: الأول للمحْل والجدب، الثاني عند الحاجة إلى الشرب لشفاههم أو دوابهم أو مواشيهم في سفر في صحراء أو في سفينة أو في المصر، الثالث استسقاء من لم يكن في محْلِ ولا حاجة إلى الشرب وقد أتاهم من الغيث ما إذا اقتصروا عليه كانوا في دون السعة فلهم أن يسَتسقوا ويسألوا الله عز وجل المزيد من فضله، والرابع استسقاء من كان في خصب لمن كان في محل جدب، وصلاة الاستسقاء في الوجهين الأولين سنة، وفي الثالث من المباح، وفي الرابع من المندوب، انتهى. وأشار المؤلف إلى بيان حكم صلاة الاستسقاء بقوله:

سن الاستسقاء؛ يعني أن صلاة الاستسقاء سنة، هذا هو مذهب الجمهور، خلافا لأبي حنيفة، قال: لا يصلى في الاستسقاء، والحجة عليه ما في الصحيحين (أنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى الاستسقاء وصلى فيه ركعتين جهر فيهما بالقراءة (١) وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: (كما يصلي العيد (٢) وروى أيضا عن عائشة رضي الله عنها: (أنه عليه الصلاة والسلام صلى فيه ركعتين (٣) وروى أبو جعفر: أنه عليه الصلاة والسلام والخلفاء الأربعة بعده كانوا يصلون صلاة الاستسقاء. فالاستسقاء بالدعاء مأمور به إذا احتيج له، ولا خلاف بين الأمة في


(١) البخاري، رقم الحديث: ١٠٢٤. - مسلم، رقم الحديث ٨٩٤ بدون الجهر بالقراءة.
(٢) أبو داود، رقم الحديث: ١١٦٥. ولفظه: ثم صلى ركعتين كما يصلى في العيد.
(٣) .. ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين … أبو داود، كتاب الصلاة، الحديث: ١١٧٣.