جوازه، وإنما الخلاف في أصل الصلاة، ومذهب الجمهور هو ما علمت، وقوله: سن أي عينا لذكر بالغ ولو عبدا، وأما الصبي الأمور بالصلاة والمتجالة فتندب لهما، وقوله: الاستسقاء، نائب "سن"، وأشار إلى بيان السبب بقوله: لزرع، ظرف لغو متعلق بالاستسقاء؛ أي سن صلاة الاستسقاء لأجل احتياج زرع، سواء كان لإنباته أو بقائه. ويقال له: محل وجدب بدال مهملة، ولا يستعملان في احتياج الحيوان، والجدب ضد الخصب بكسر الخاء المعجمة. قاله الخرشي، وغيره. وقوله: ولا يستعملان الخ، انظره فإنه غير ظاهر، والظاهر بل التعين استعمالهما في الجميع، وفي القاموس: وفلاة جَدْبَاءُ مُجْدِبَةٌ، والمجداب الأرض لما تكاد تخصب، وحينئذ فالاستسقاء لاحتياج الحيوان والزرع.
ولله در الأمير حيث قال: سن الاستسقاء لحاجة، وإن لشرب، وأبيح لتوسعة، قيل: المراد الإذن؛ إذ ليس ثم عبادة مستوية الطرفين، وإن كانت المدونة عبرت بالجواز. انتهى. وقوله: لحاجة، ظاهره عموم الحاجة في الزرع والحيوان، ولا ينافيه ما مر عن الخرشي وغيره -كما هو ظاهر والله سبحانه أعلم. أو شرب؛ قال في القاموس: شرب كسمع شربا ويثلث، ومشربا وتشرابا جرع وأشربته أنا، والشرب مصدر، وبالضم والكسر اسمان، وبالفتح القوم يشربون، وبالكسر الماء والحظ منه. انتهى. وقال في مادة جرع: جرع الماء كسمع ومنع بلعه. انتهى؛ يعني أنه يسن الاستسقاء أي صلاته لأجل الاحتياج إلى شرب آدمي أو غيره من الحيوان، وهذان الأمران؛ أعني قوله:"لزرع أو شرب"، هما اللذان تقدما في كلام اللخمي، وقد مر أن الاستسقاء لهما سنة وقد مر أن الاستسقاء لطلب السعة والمزيد من فضل الله تعالى مباح، والفرق بين هذا وندب الصيد لسعة: إِتْعَابُ خلق كثير هنا، والصيد ليس فيه إتعاب غير الصائد، وقال ابن رشد: إن صلاة الاستسقاء إنما تكون عن شدة الحاجة للغيث.
وقوله: بنهر أو غيره؛ جعل الشارح ومن تبعه الباء فيه للسببية؛ أي سن الاستسقاء لأجل الاحتياج إلى الشرب بسبب تخلف نهر أو غيره من مطر أو عين، وعلى هذا فالظاهر أنه متعلق