للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: يذكر فيه ما يجوز أن يكون صداقا وما لا يجوز أن يكون صداقا وما يتعلق بذلك من لزوم الجهاز والبناء وغير ذلك، والصداق بفتح الصاد وكسرها والأول أفصح، ويقال: صدقة بضم الدال وفتحها، قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وهو مأخوذ من الصدق ضد الكذب؛ لأن دخوله بين الزوجين دليل على صدقهما، ويسمى مهرا وطولا وأجرة ونحلة ونفقة وفريضة. قال الشبراخيتي: والنحلة بكسر النون ما يعطى بغير مقابل ومنه سمي المهر نحلة لأن المرأة تأخذه في الحقيقة لا في مقابل؛ لأنها تستمتع بالزوج في الحقيقة أكثر مما يستمتع بها، قال في الإيضاح في أسرار النكاح: لذة المرأة بالنكاح تتضاعف على لذة الرجل لأنها تلتذ بحركة الرحم ثم بحركة منيها ثم بحركة مني الرجل في فم الرحم إلى حين استقراره وبعد استقراره، وإنما وجب المهر في النكاح لتتأكد العلقة والصحبة بينهما، قال الزجاج: وسمى الله تعالى زنابير العسل نحلا لأنها قد تنحل الخلق العسل الذي يخرج من بطونها بلا مؤنة فهو عطية مبتدأة. انتهى. ويسمى الصداق زيادة على ما مر علاقة وعقرا بضم العين وأصله دية الفرج للمرأة المغصوبة، ثم كثر حتى استعمل في المهر.

وأشار المؤلف إلى شروطه وموانعه بقوله: الصداق كالثمن يعني أن الصداق في مقابلة البضع كالثمن في مقابلة السلعة، فما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون صداقا، وما لا يجوز أن يكون ثمنا لا يجوز أن يكون صداقا إلا أن في ذلك إجمالا فيشترط في الصداق أن يكون طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما، فيمتنع بكخمر ومجهول ونحوهما لكن بين الثمن والصداق عموم وخصوص من وجه يجتمعان في ربع دينار فما فوقه مما توفرت فيه الشروط، وينفرد الثمن في أقل منه وينفرد الصداق بشورة وصداق مثل وعدد من كإبل كما يأتي، فاغتفر فيه من يسير الغرر ما لم يغتفر في الثمن لامتناع الثمن بشورة وصداق مثل وعدد من كإبل، وإذا اتفق الزوجان على أن الصداق ألف نصف مثلا واختلفا فيما سمياه في العقد، فادعى أحدهما أنهما سميا نحاسا وادعى الآخر أنهما سميا فضة فهو من الاختلاف في قدر الصداق، وسيأتي أن القول للزوج بيمينه بعد بناء أو موت أو طلاق وقبل ذلك حلفا وفسخ، وإن اتفقا في العقد على دينار مثلا ولم يسميا سكة فإن لها السكة الجارية في البلد، فإن اختلفت أخذ من الأغلب فإن تساوت أخذ من جميعها