وتوضيح هذا أن تقول إذا كان على المفلس أو الميت ديون مختلفة لأحد غرمائه مائة درهم ولأحدهم عرض ولأحدهم طعام مثلا، فإن ما خالف النقد من مقوم ومثلي يقوم يوم قسم المال وهو مراده بيوم الحصاص، فإذا كان قيمة الطعام مائة درهم وقيمة العرض مائة درهم ومال المفلس مائة درهم فإنها تقسم بين الغرماء أثلاثا، فيأخذ صاحب النقد ثلث المائة ثلاثة وثلاثين وثلث درهم ويبقى له ستة وستون وثلثان، وينوب صاحب العرض ثلاثة وثلاثون وثلث وصاحب الطعام مثله.
واشتري له أي لصاحب مخالف النقد وهو في المثال المذكور صاحب الطعام وصاحب العرض اللذان ناب كل واحد منهما ثلث المائة منه أي من جنس دينه وصفته بما يخصه من مال المفلس، أي ما نابه منه في الحصاص وهو ثلثا المائة، فيشترى لصاحب العرض صفة عرضه ولصاحب الطعام صفة طعامه، وهذا مع المشاحة، وأما مع رضى من دينه مخالف للنقد فيجوز له أخذ الثمن إلا لمانع كما يذكره قريبا. واعلم أن عروض المفلس إنما تباع إذا خالفت صفة ما عليه أو بعضها. قاله الخرشي.
ومضى إن رخص أو غلا فاعل "مضى" ضمير يعود على القسم أو التقويم، ومعنى كلامه أنه إذا رخصت الأسواق حتى اشتري لمن دينه مخالف للنقد أكثر مما ناب أصحاب النقد، فإن ذلك ماض فليس لأصحاب النقد رجوع عليه وكذلك يمضي القسم إذا غلا السعر حتى اشتري له أقل مما ناب ذا النقد، كما لو كان لصاحب الطعام في المثال المذكور خمسة أوسق فلم يشتر له الطعام حتى رخص السعر، فاشتري له أكثر من ثلث خمسة أوسق فليس لصاحب النقد ولا غيره رجوع عليه ولو اشتري له جميع دينه فيختص به، فإن زاد عن دينه رد الفاضل وإن نقص اتبع المدين بما بقي، وكذا يقال في صاحب العرض. واللَّه تعالى أعلم. وقوله:"رخص" ككرم ضد غلا.
قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: كأنه من الرخصة التي هي السهولة أي سهل الشراء لكونك تنال بثمن قليل ما أردت من الكثير وغلا كأنه من الغلو وهو مجاوزة الحد؛ بأن صار لا ينال بالثمن المعتاد وإنما ينال بثمن كثير. واللَّه تعالى أعلم.
فائدة: قال في القاموس: السعر الذي يقوم عليه الثمن جمعه أسعار وسعّروا تسعيرا اتفقوا على سعر. وقوله:"ومضى" قال الشارح: قال المازري: لو تغير السعر حتى صار يشترى أكثر مما كان