للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: ذكر فيه حكم صلاة الخوف وصفتها وما يتعلق بها، وليس المراد بقولهم: صلاة الخوف، أن له صلاة تخصه كالعيد ونحوه، وإنما المراد الصلاة التي سببها الخوف، وهي إن كانت في الحضر حضرية وفي السفر سفرية؛ فهو من إضافة الشيء إلى سببه، والخوف والخيفة ضد الأمن. واختلف في أول صلاة في الخوف، هل صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع سنة خمس من الهجرة؟ وحكاه في النوادر عن الواضحة، أو في عسفان؟ حين كان على المشركين خالد بن الوليد وصلى المسلمون الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غفلة لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آية صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر صلاة الخوف. قاله في الطراز، أو في غزوة جهينة، أو في غزوة بني مخارق ببطن نخيل على قرب من المدينة، أو في غزوة نجد وغطفان. قاله غير واحد من الرواة. وهل سميت ذات الرقاع لأن أقدام المسلمين تنقبت فيها من الحفاء فلفوا عليها الخروق؟ أو تخرقت نعالهم فألقوا الرقاع على أرجلهم؟ أو لجبل يقال له الرقاع؛ لأن فيه بياضا وسوادا وحمرة؟ أو شجرة هناك يقال لها ذات الرقاع؟ أو لأن المسلمين رقعوا راياتهم؟ أقوال، والصحيح الأول. النووي: ويحتمل وجدان هذه الأمور كلها، قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ محمد بن الحسن: قال ابن بشير: قال ابن القصار: المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلاها في ثلاثة مواضع: ذات الرقاع، وعسفان، وذات النخيل). اهـ. وفي الشبراخيتي: وهل صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين مرة كما في القبس؟ أو عشر مرات؟ قولان، واستقر عند الفقهاء ثلاثة: بطن نخيل، وعسفان. وذات الرقاع؛ وهي مستمرة بعده صلى الله عليه وسلم عند مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وجمهور أهل العلم. وقال ابن القصار وأبو يوسف: خاصة به صلى الله عليه وسلم، ودعوى المزني أنها نسخت (بتأخيره صلى الله عليه وسلم يوم الخندق أربع صلوات اشتغالا بالقتال ولم يصلها)، مردودة؛ بأنه كان قبل صلاة الخوف. انتهى. قاله الشيخ إبراهيم. ولما كانت صلاة الخوف نوعين كما قال ابن الحاجب، أشار إلى الأول منهما بقوله: رخص؛ يعني أن صلاة الخوف على هذا الوجه الذي سيذكره رخصة، ولم يذكر المصنف حكم هذه الرخصة،