يُعدُّ كتاب لوامع الدرر في هتك أستار المختصر، للشيخ محمد بن محمد سالم، أشمل موسوعات الفقه المالكي؛ وقد فصل فيه مؤلفه القول في فقه العبادات والمعاملات، ومًنطلَقُه مختصر الشيخ خليل بن إسحاق فيما به الفتوى من فقه إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه.
وتناول الشيخ محمد بن محمد سالم في هذا المؤلف، بالشرح المستفيض وبالنقاش الموفق، كافة الموضوعات التي أشار إليها أبو الضياء في مختصره تصريحا أو تلويحا، مع عناية بالغة بالقضايا التي كانت محل أبحاث لدى علماء الذهب. وجمع فيه، بشكل فريد، بين تفصيل العالم المتبحر، وتدقيق الباحث المنقب، وحرر نصوصه تحريرا متقنا، فجاءت سهلة العبارة سلسة الأسلوب، تم فيها انتقاء الدال المطابق للمدلول دون تكلف.
وبالجملة فقد كان هذا الكتاب حصادًا لعقود عديدة (١) من التمعن في تفسير القرآن الكريم، والنظر الموفق في الحديث الشريف، والبحث والتنقيب في أمهات الذهب وفي الشروح المطولة، والمختصرات المركزة، وسجلات الوثائق النادرة؛ فجاءت الأحكام والفتاوى مفصلة، مؤصلة، مدعومة بسندها من القرآن والسنة، ثم بكلام المبرزين من الأمة، مبْرِزة الراجح والمشهور، منبهة إلى ما سواهما بجلاء. فغدا الكتاب كنزا ثمينا يحمل من المعارف المفصلة، والفوائد المؤصلة، والبحوث الموثَّقة ما لم يشتمل عليه مؤلَّف سواه، فيما اطلعنا عليه، وبلغ من التفصيل والتأصيل ووضوح العبارة ما يجعله يغني عن ما سواه من كتب المالكيين، ولا يغني عنه غيره.
(١) أكمل المؤلف هذا الكتاب في شهر شوال سنة ١٢٧٢ هـ وظل ملازما له إلى أن توفي في آخر يوم من سنة ١٣٠٢ هـ. أي أن المؤلف أتيح له أن يراجع الكتاب خلال ثلاثين سنة وبضعة أشهر، وهى ميزة قلّ أن حَظِى بها مؤلف بحجمه.