للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما لمنع حق وجب عليها أو حكم من أحكام الشريعة المتعلق باللَّه تعالى أو بآدمي، أو الدخول تحت طاعته بالقول أو المباشرة باليد لحاضره والإشهاد على الدخول لمن غاب عنه إن كان كل منهما من أهل الحل والعقد واعتقاد ذلك لمن لا يعبأ به ولا يعرف، فإنه يعني الدخول تحت طاعته. واللَّه أعلم. حق، لخبر: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) (١)، أو خالفته لخلعه أي إرادتها خلعه أي عزله لحرمة ذلك عليهم، وإن جار. كما قال عياض: جمهور أهل العلم من الحديث والفقه، والكلام أنه لا يخلع السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه. انتهى. أي إلا أن يقوم عليه عدل فيجوز كما روى ابن القاسم عن مالك: من قام على إمام يريد إزالة ما بيده، إن كان -أي المقوم عليه- مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقيام معه، وأما غيره فلا، فدعه وما يراد منه ينتقم اللَّه من ظالم بظالم ثم ينتقم من كليهما. انتهى.

ومقتضى الظاهر أن يقول: ثم ينتقم من الآخر إلا أن يريد ثم ينتقم من كليهما في الآخرة، وعبر المصنف: "بفرقة" جريا على الغالب، وإلا فالواحد قد يكون باغيا، ولا بد أن يكون الخروج مغالبة، فمن خرج على الإمام لا على سبيل المغالبة فلا يكون من الباغية، والمراد بالمغالبة إظهار القهر وإن لم يقاتل كما استظهره بعض، وقيل المراد بها: المقاتلة.

واللام في قوله: فللعدل قتالهم بمعنى على أو للاختصاص، فقوله: "الباغية فرقة خالفت الإمام" أي مطلقا، كان عدلا أولا، والعدالة إنما هي شَرْطٌ في جواز قتالهم فحيث خالفوه فهم بغاة كان عدلا أولا، وإن أراد قتالهم فإنما يقاتلهم إن كان عدلا، فإن لم يكن عدلا لم يجز له أن يقاتلهم وإن كان باقيا على إمامته.

تنبيهات: الأول: قال ابن عبد السلام: فسق الأئمة قد يتفاوت ككون فسق أحدهم بالقتل وفسق الآخر بانتهاك حرمة الأبضاع وفسق الآخر بالتعرض للأموال، فيقدم هذا على المتعرض للدماء والأبضاع، وقدم المتعرض للأبضاع على المتعرض للدماء. قال: فإن قيل أيجوز القتال مع أحد


(١) مسلم، كتاب الإمارة، رقم الحديث ١٨٥١.