للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاح حتى يتمكن فيعود لخلاف ما أظهره. ولابن محرز في تبصرته: من شارك في عزل إنسان وتولية غيره ولم يأمن سفك دم مسلم، فقد شارك في سفك دمه إن سفك. ابن العربي: قوله وأن لا تنازع الأمر أهله يعني من ملكه لا من يستحقه، فإن الأمر فيمن يملكه أكثر منه فيمن يستحقه والطاعة واجبة في الجميع، فالصبر على ذلك أولى من التعرض لإفساد ذات البين. وقال النووي في منهاجه: قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (اسمع وأطع وإن كان عبدا) (١) قال: تتصور إمامة العبد إذا ولاه بعض الأئمة أو كان تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه، فيسمع له ويطاع.

وعرف المصنف الفرقة الباغية وذلك يستلزم تعريف البغي بقوله: الباغية فرقة خالفت الإمام يعني أن الجماعة الباغية هم فرقة من المسلمين خالفوا الإمام الأعظم أو نائبه لأحد شيئين، إما لمنع حق وجب عليها للَّه أو للعباد. وقال الشبراخيتي عند قوله: "فرقة" عبر بها جريا على الغالب؛ لأن الغالب أن الباغية فرقة، وقد يكون الباغي واحدا، "خالفت الإمام" المراد به الإمام الأعظم أو نائبه: وزاد ابن عرفة وابن الحاجب. قيدا لابد منه وهو: كون الخروج مغالبة، فمن خرج عليه لا على سبيل الغالبة فلا يكون من البغاة. انتهى. ذكره الحطاب. وزاد عقبه: وكأنهم يعنون بالمغالبة المقاتلة، فمن خرج عن طاعة الإمام من غير مغالبة لا يكون باغيا، ومثال ذلك ما وقع لبعض الصحابة أنه مكث شهرا لم يبايع الخليفة ثم بايعه. انتهى.

واستفيد من ذلك أن الامتناع من طاعة الإمام لا على وجه المغالبة كامتناع من عينه لجهاد ونحوه عن الخروج له لا يكون بغيا. وقوله: "الإمام" أي من ثبتت إمامته وانعقدت بيعته وإن لم يجمع شروطها، بدليل قوله: "فللعدل قتالهم"، وقوله: "خالفت الإمام" أي في غير معصية أمرهم بها، بدليل قوله: "لمنع حق" عليها للَّه، كالزكاة أو العباد كحقوق الناس.

أو خلعه أي الباغية فرقة خالفت الإمام إما منع حق وإما لخلعه أي عزله عن الإمامة، فقد قاتل علي البغاة الذين امتنعوا من بيعته وهم أهل الشام، وطائفة خلعته وهم أهل النَّهْروان. قاله التتائي. وقال عبد الباقي: الباغية فرقة من المسلمين خالفت الإمام الأعظم أو نائبَه لأحد شيئين،


(١) الاتحاف، ج ٢ ص ٢٣١.