للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وللمقذوف القيام به أي بالحد على قاذفه وهذا ظاهر والمقصود قوله: وإن كان المقذوف علمه أي علم صدور المقذوف به من نفسه، بأن علم أن ما قذفه به من زنى صدر منه لأنه مأمور بالستر على نفسه. لخبر: (من أتى منكم شيئا من هذه القاذورات فليستتر فإنه من يبد لنا صفحة وجهه أقمنا عليه الحد) (١)، قال في المدونة: حلال له أن يحده لأنه أفسد عرضه، وليس للقاذف أن يُحَلِّفَ المقذوف أنه ليس بزان، ففي المواق من المدونة: إن علم المقذوف من نفسه أنه كان قد زنى فحلال له أن يحد من قال له إنك زنيت. انتهى. ومن المدونة: من قذف ولده أو ولد ابنته فقد استثقل مالك أن يُحَدَّ لولده. ابن القاسم: إن قام بحقه حد له، زاد في الموازية: ولا تقبل شهادة الولد. وقال ابن رشد: لا خلاف أن القذف حق للمقذوف، واختلف هل يتعلق به حق للَّه، ثالث الأقوال أنه حق للمقذوف ما لم يبلغ الإمام فإذا بلغه صار حقا للَّه ولم يجز لصاحبه العفو عنه إلا أن يريد سترا. انتهى. وقوله: وله القيام به وإن علمه من نفسه أي وليس للمقذوف تحليف القاذف، وقال الشافعية: له أن يحلفه فإن نكل سقط الحد.

تَنْبيهَان: الأوَّلُ: قوله: "وله القيام به" الخ اعلم أن له القيام بذلك ولو علم أن القاذف رآه يزني كما في الميسر.

الثاني: قوله: "وله حد أبيه وفسق" أي وله أن يحلفه هو أحد أقوال ثلاثة، وعزاه ابن رشد في رسم صلى نهارا من سماع ابن القاسم من الأقضية لرواية أصبغ عن ابن القاسم في الشهادات، ونصه: وقد روى أصبغ عن ابن القاسم في الشهادات أنه يقضى له أن يحلفه وأن يحده. ويكون عاقا بذلك ولا يعذر بجهل وهو بعيد؛ لأن العقوق من الكبائر فلا ينبغي أن يمكن أحد من ذلك، وقال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون: إنه لا يقضى له بتحليفه ولا يمكن من ذلك ولا من أن يحده في حد يقع له عليه لأنه من العقوق وهو مذهب مالك في المدونة في اليمين في كتاب المديان وفي الحد في كتاب القذف وهو أظهر الأقوال. وقال ابن رشد عن مالك: أكره لمن بينه وبين أبيه خصومة أن يحلفه. ابن رشد: وهذا يدل على أن له أن يحلفه ولا يكون عاقا إذ لا


(١) الموطأ، كتاب الحدود، رقم الحديث ١٣. باختلاف.