للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: "وإن تاب فماله له" اعلم أن العبد إذا ارتد فإن للسيد أن ينتزع ماله وله أن يتركه، وقال المواق: قال ابن القاسم: يُوقِف السلطان مال المرتد قبل أن يقتل. ابن عرفة: والمعروف إن تاب رجع إليه ماله. انتهى. وإذا تاب المرتد بأن رجع إلى الإسلام والحال أنه قد جنى قُدِّرَ بعد توبته كالمسلم فيهما أى في العمد والخطإ أي في جنايتي العمد والخطإ الصادرتين منه، وإيضاح هذا أن تقول: إذا جنى المرتد في حال ردته ثم تاب فإنه يقدر مسلما في حال جنايته ويحكم عليه بما يحكم به على المسلم، فيقتص منه للمماثل له في العمد، وأما الخطأ فعلى عاقلته على ما مر.

وعلم مما قررت أن قوله: "وقدر كالمسلم فيهما" مرتب على قوله: "وإن تاب فماله له" وقوله: "وقدر كالمسلم فيهما"، قال البناني: ابن الحاجب: وإن تاب قدر جانيا مسلما في القود والعقل وقيل قدر جانيا ممن ارتد إليهم. انتهى. التوضيح: القولان لابن القاسم بناء على أن اعتبار النظر في الجناية يوم الحكم أو يوم الوقوع والقياس عنده يوم الجناية، وزاد في البيان ثالثا باعتبار العقل يوم الحكم والقود يوم الفعل. انتهى. وقولي: والحال أنه قد جنى احتراز من الجناية على المرتد فإنه لا يقدر كالمسلم، فإذا رُمِيَ أو جُرِح وهو مرتد ثم عاود الإسلام فلا يقتص له لأنه أصيب وهو غير معصوم. وقد مر: "وضمن وقت الإصابة والموت". واللَّه تعالى أعلم.

تنبيه: قد مر نقل المواق عن ابن رشد أنه لا خلاف أنه إذا لحق بدار الشرك فتنصر وأصاب الدماء والأموال ثم أخذ فأسلم فإنه يهدر عنه جميع ما أصاب كالحربي إذا أسلم. انتهى.

واعلم أنه لو قذف المرتد أحد ولو كافرا حال ردته لم يحد، بل إن قذفه قبل ردته فلم يقم عليه حتى ارتد سقط عن قاذفه الحد، ولو رجع للإسلام. ذكره في النوادر عن ابن حبيب عن أصبغ. قاله عبد الباقي.

وقتل المستسر يعني أن المستسر أي الذي يُسِرُّ الكفر ويظهر الإسلام يقتل إذا اطلع عليه وهو المعروف الآن بالزنديق، وكان يعرف في زمن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بالمنافق بلا استتابة يعني أن الزنديق يقتل مهما اطلع عليه ولا تطلب منه التوبة، ومعنى ذلك أنه لا تطلب منه التوبة بحيث لو تاب لم يقتل بل يقتل ولو تاب وأظهر التوبة. قال التتائي: وقُتِل المسْتَسِرُّ الذي يُسِرُّ الكفر ويُظهر الإسلام وهو الزنديق المسمى بالمنافق في العصر الأول وقتل حدا بلا استتابة. المتيطي: