للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبه جنون ولو من كضربة فإنه يرده به، وهذا مستفاد من قوله: وبما العادة السلامة منه، وإن لم تكن فيه عهدة. قاله الخرشي. وقال بناني: ابن شأس: إنما اختصت عهدة السنة بهذه الثلاثة لأن هذه الأدواء يتقدم أسبابها ويظهر منها ما يظهر في فصل من فصول السنة دون فصل، بحسب ما أجرى اللَّه فيه من العادة باختصاص تأثير ذلك السبب بذلك الفصل. انتهى.

إن شرطا أو اعتيدا، يعني أن عهدة الثلاث وعهدة السنة لا يعمل بهما إلا إن اشترط العمل بهما عند العقد ولو بحمل السلطان الناس عليهما، وكذلك يعمل بهما، إذا جرت العادة بهما، فإن انتفى الشرط والعادة لم يعمل بهما، ولو قال المشتري: أشتري على عهدة الإسلام لاختصاصها بدرك المبيع من الاستحقاق فقط دون العيب كما مر. وجَرَّد الفعلين من علامة التأنيث نظرا إلى أن العهدة في معنى الإلزام، أي إن شرط الإلزامان أو اعتيدا. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ أبو علي: قال في الذخيرة: خالفنا الأيمة في هاتين العهدتين لانعقاد الإجماع أن العيب الحادث بعد انعقاد البيع والقبض لا يوجب خيارا في غير صورة النزاع، فكذلك فيها، ولأن الأصل عدم ضمان الإنسان فيما يحدث في ملك غيره وقال ابن حنبل: لم يصح في العهدة حديث لنا ما في أبي داوود قال عليه السلام [العهدة في الرقيق ثلاثة] (١). ولأن القول بالتزام العهدتين عمل أهل المدينة ينقله الخلف عن السلف. انتهى.

تنبيهات: الأول: قال ابن عرفة: ولو ظهر في السنة ما شك أهل المعرفة في كونه جذاما كخفة الحاجبين، ورفع المبتاع أمره للقاضي ففي الرد به قولان. الثاني: قال الحطاب: [لابد] (٢) في اشتراط العهدتين من التصريح بهما، ولا يكفي قوله: أشتري على عهدة الإسلام، فإن المراد بذلك إنما هو ضمان الدرك في العيب والاستحقاق.

وللمشترى إسقاطهما، يعني أن العقد إذا وقع على العهدتين بشرط أو عادة فإن للمشتري أن يسقطهما عن البائع لأن ذلك حق له، فله إسقاطه بأن يترك القيام بما يحدث زمنهما، ولا يقال: هو إسقاط للشيء قبل وجوبه، لأنا نقول: سبب وجوبه جرى وهو زمن العهدة، قوله:


(١) أبو داود، رقم الحديث ٣٥٠٦.
(٢) ساقط من الأصل والمثبت من الحطاب ج ٥ ص ٢٩٩ ط دار الرضوان.