قال الشيخ: إلا أن في هذا إحالة للمسألة عن وجهها؛ إذ لا ضمان في هذا الفرض الذي ذكر، ومسألة الكتاب فيها الضمان فتأمل ذلك. اهـ. كلام الشيخ أبي الحسن. وما قاله الشيخ أبو الحسن صرح به في الذخيرة في الحكم السادس والعشرين من الباب الثاني من كتاب الكفالة، ونصه: وإذا أراد الحميل أخذ الحق بعد محله والطالب غائب، وقال: أخاف أن يفلس وهو ممن يخاف عدمه قبل قدوم الطالب أو لا يخاف إلا أنه كثير اللدد والمطل مكن من ذلك، فإن كان الحميل أمينا أقر عندد وإلا أودع لبراءة الحميل والغريم، وضمان المال من الغائب لأنه قبض له بالحاكم وإن كان المطلوب مليا وفيا لا يوخذ منه شيء لعدم الضرورة.
وقال في المدونة في الوجه الثالث: لو قضاه الغريم متبرعا أو باقتضاء من الكفيل، قال الشيخ أبو الحسن عن ابن يونس: معنى متبرعا أنه اقتضاه بدفع ذلك إليه متبرعا ولم يكلفه أن يقضي عليه سلطان. وأما لو لم يقتضه فتبرع الغريم بدفع ذلك إليه فظاهر هذا أنه على الرسالة. عبد الحق: إن قيل إذا قبضه الكفيل بأي وجه يعلم قبضه إياه إذا وقع مجملا؟ فالجواب أنه إذا لم تكن قرينة تدل على الاقتضاء أو الرسالة، فهاهنا إن كان المطلوب قد تبرع بدفعه للكفيل حمل على الرسالة وإن كان الكفيل اقتضاه فهو على الاقتضاء فيضمنه، وإن قال: خذه على أني بريء منه أو نحو هذا من الكلام فهذه تدل على الاقتضاء فيضمنه قابضه وإن لم يسأله الكفيل به فيه. اهـ.
تنبيهات: الأول: اعلم أن البناني قرر المص بقوله: فقول المص: "إن اقتضاه" يعني أو تنازعا فقال المدين اقتضاء وقال الضامن رسالة، فالقول للمدين وكذا لو انبهم الأمر، وقوله:"لا أرسل به" أي حقيقة أو حكما بأن يقبضه على وجه الوكالة من رب الدين. اهـ. وبان من ما مر أنه لو سأل الحميل رب الدين القضاء فدفعه له أن ذلك اقتضاء، أو دفع له الحق وقال أنا بريء منه، وإن لم يسأله الحميل أن يدفع له الحق فذلك اقتضاء أيضا، وأنه إن تنازع معه في أنه قبضه على وجه الاقتضاء أو الرسالة فإن القول للمدين أنه على وجه الاقتضاء، كما لو تنازع معه في كونه على وجه الاقتضاء أو الوكالة، فإن دفعه من غير سؤال ولم يقل خذه وأنا بريء منه فهذا يحمل على الرسالة. فَتَحَصَّل من هذا أنه إن وقع التصريح بالاقتضاء أو الرسالة وثبت ذلك فالأمر ظاهر، وأنه إن اختلفا في المصرح به من ذلك فإنه يحمل على الاقتضاء، وقد علمت أن الوكالة في حكم الرسالة،