للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاحتياج المفهوم من سياق الكلام، وقال الشبراخيتي: إن الباء بمعنى "من "، كقوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}؛ أي من نهر بسبب تخلفه كتوقف النيل. انتهى. وعليه، فقوله "بنهر"، متعلق "بشرب" وقال الشيخ محمد بن الحسن: إن قوله: "بنهر" الصواب أنه متعلق بما في الاستسقاء من معنى السقي؛ أي سن طلب السقي بنهر الخ، كالنيل لأهل مصر. وقوله: "بنهر"، قال في القاموس: النهر ويحرك: مجرى الماء، جمعه أنهار ونُهُرٌ ونهور وأنهر. انتهى. والمراد هنا الماء، وسمي النهر بذلك؛ لأن الماء ينهره أي يحفره. والله سبحانه أعلم.

وإن بسفينة يعني أن صلاة الاستسقاء لا تختص بمن كان في القرى والمدن والصحاري بل تشرع لمن في السفينة على ظهر الماء عند حصول سببها كما لو كانوا ببحر ملح أو عذب لا يصلون إليه، وقوله: "سن الاستسقاء"؛ أي ولا تقام الصلاة للاستصحاء حيث أضر المطر بالناس لكثرته، بل يدعون ويتضرعون، قال السهيلي: وإذا اضطروا من كثرة المطر فليسألوا الاستصحاء. انتهى. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا اللهم منابت الشجر وبطون الأودية وظهور الآكام (١)): تعليم كيفية الاستصحاء أي طلب الصحو، ولم يقل: ارفعه عنا؛ لأنه رحمة ونعمة لما يطلب رفعه، ولم يقل: اصرفها إلى منابت الشجر فقط؛ لأنه سبحانه أعلم بوجه اللطف وطريق المصلحة، ومما ورد في الاستصحاء ما رواه الشيخان من قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآجام والآكام والظراب والأودية ومنابت الشجر (٢) قوله: الآكام بالفتح والمد ويروى بالكسر والقصر جمع أكمة، وهي الرابية أي التل، وقيل: شرافة بالرابية وهي ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد، وربما غلظ وربما لم يغلظ، والأجمة بالتحريك: الشجر الكثير الملتف، جمعها أجم بالضم وبضمتين وبالتحريك، وآجام وإجام وأجمات، والحديث مروي على الإجام والآجام مثل الإكام والآكام، والظراب بكسر الظاء ما نتأ من الحجارة البوادي الكبار والجبال الصغار واحدها ظرب بكسر الراء. قاله غير واحد، وقوله: "الاستسقاء"، مبدو بهمزة الوصل مكسورة، ولأحمد بن يوسف في همزة الوصل:


(١) الطبراني في الأوسط رقم الحديث: ٧٦١٩. ولفظه: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على رؤوس الظراب ومنابت الشجر وبطون الأودية وظهور الأكمام.
(٢) التيسير، ج ٢ ص ٢٢٢. ولفظه: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر.