فأجاب: يعزر على ذلك تعزيزا بليغا رادعا ويجدد إسلامه، ولا يقبل تأويله في هذا القول لما فيه من سوء الأدب والرد على قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، وهذا القول إن لم يكن كفرا فهو قريب من الكفر فلا أَكْثَرَ اللَّهُ من هذه الشياطين المضلين ويجب على ولي الأمر أن يبالغ في ردع هذا الخبيث المجترئ على رب العالمين. انتهى. قلت: لعله تردد في كون هذا اللفظ كفرا لكون قائله ذكر له تأويلا، وإلا فمن اعتقد معنى هذا اللفظ فلا شك أنه كافر مرتد مكذب للقرآن. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام الحطاب.
الثالث: قال الحطاب: سئل البلقيني عن رجل ظلمه مكاس ظلما كثيرا، فقال الرجل: الذي يكتبه فلان المكاس ما يمحوه ربنا ما يلزمه؟ فأجاب: إذا لم يقصد بذلك عدم تعلق القدرة به فإنه لا يكفر، سواء قصد أن المكاس شديد البأس يصمم على ما يكتب أو لم يقصد ذلك، فإن قصد أن ربنا لا يقدر على مَحْوِه فإنه يكفر ويستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
الرابع: قال الحطاب: وسئل -يعني البلقيني- عن مسلم قال لذمي في عيد من أعيادهم: عيد مبارك، هل يكفر أم لا؟ فأجاب: إن قاله المسلم للذمي على قصد تعظيمهم دينهم وعيدهم فإنه يكفر، وإن لم يقصد ذلك وإنما جرى على لسانه فلا يكفر بما قاله من غير قصد. انتهى. وسئل عن رجل يدعي أنه إذا غضب على أحد أصيب في بدنه أو منصبه لأجل غيظه، فقال له رجل: لو سمع اللَّه منك لَخرَّب السماوات والأرض؛ يعني لو قبل دعاءك فهل يجب على قائل هذا الكلام شيء، وماذا يجب على من قال: كفرت بهذا الكلام؟ فأجاب: لا يجب على قائل ذلك شيء، ومن رماه بكفر أو غيره بالتأويل زجر عن ذلك، ويعرف أن معنى ذلك موجود في كتاب اللَّه في قوله تعالى:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}، ويجب أن يتوب عما صدر منه. وسئل عن رجل يصبح كل يوم يشتغل بالناس ويجعلهم في غير الإسلام ويقول بعد ذلك: إذا أكلت العلماء الرشا أكلت الناس الحرام، وإذا أكلت العلماء الحرام كفرت الناس ويذكر أنه وقتنا هذا فعوتب في ذلك، فقال: ما قلته من عندي، قاله الفقيه حسين المغربي. فأجاب: قد ارتكب المذكور كبائر بجعل المسلمين في غير الإسلام وبما ذكره عن العلماء وعن كفر الناس، وبذكره أنه وقتنا هذا وقد كذب في ذلك كله وافترى، فدين الإسلام بحمد اللَّه قائم والأمة