للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الجنابة فرضت على الأنبياء والرسل. واعترض الشيخ محمد بن الحسن الجهاد بقوله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} الآية، وقبول التوبة بما في الصحيح من حديث من قتل مائة وقبل الله توبته بمجرد الندم، والغسل من الجنابة والحج بأن قريشا كانت في الجاهلية تغتسل من الجنابة وتحج. انتهى.

قال جامعه عفا الله عنه: ويجاب من الأول بأنه يمكن أن ذلك إنما كتب عليهم لكونهم مع نبي كما قال تعالى في أول القصة: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وعن الثاني بأن ذلك لا يقتضي أن قبول التوبة بشرطه المقرر عندنا أمر مقرر عند غيرنا من الأمم لكل أحد منهم، وعن الثالث بأن ذلك لا يقتضي أن الغسل من الجنابة والحج شرعا لغيرنا على جهة الوجوب ونحن مخصوصون بهما على جهة الوجوب. والله سبحانه أعلم. وفي الخرشي: قد كانت الغنائم لا يحل لمن قبلنا تناولها ولا الانتفاع بها، بل إن قبلت نزلت نار أحرقتها، وإلا بقيت إلى أن تذهب وتبلى. ومما هو من خصائص هذه الأمة السحور، وتعجيل الفطر، والأكل، والشرب، والوطء ليلا إلى طلوع الفجر، وكان يحرم ذلك على من قبلنا بعد النوم، وكذا في صدر الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، والسواك أيضا لأنه ورد [(هذا سواكي وسواك الأنبياء من قبلي).

وحكمة مشروعيته: إدراك الصلاة في أوقاتها، وفي الموطإ] (١): عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتي إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام صلى الله عليه وسلم على التماسه، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء قالت عائشة فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسَ وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت عائشة فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في


(١) الموطأ، ص ٦٨.