أشار إليه بقوله: لأن الحيثية لخ، وقوله: يوجب على الحاكم، تخرج به الرواية: والخبر القسيم للشهادة، ولم يقل القاضي لأن الحاكم أعم من القاضي لوجوده في التحكيم والأمير، وقوله: إن عدل قائله، أي ثبتت عدالته عند القاضي، إما بالبينة أو بكونه يعلم عدالتها، والظاهر أن في حده دورانا لأن الحكم بافتقاره للتعدد فرع عن كونه شهادة، وقوله: إن عدل قائله شرط في إيجاب الحكم، واعترض ابن مرزوق حد ابن عرفة أيضا بفساد جمعه لعدم شموله ما مر من إعمال شهادة الواحد في الخلطة والطلاق والعتق، ولذلك طلب الحلف ثمة.
تنبيهان: الأول: قال في التنبيهات: الشهادة معناها البيان، وبه سمي الشاهد لأنه [يبين عن الحكم والحق](١) من الباطل، وهو أحد معاني تسميته تعالى شهيدا، وإليه أشار بعضهم في قوله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي بين، وقيل: هو فيها بمعنى المعلم. قاله البناني. الثاني: قال ابن عرفة: قال القرافي: ولفظ الأداء أودي أو أشهد مع أنه إنشاء لا خبر، فلو قال: أديت أو شهدت لم يفد عكس لفظ الإنشاء في بعت واشتريت وأَبيعُ وأشتري لغو. قال ابن عرفة: الأظهر أن هذا لِعرفٍ تقرر لا لذات حقيقة الأداء أو غيره، والأظهر أن الإشارة الفهمة تكفي، وشاهدت من أداها إشارة فلم يقبلها منه من أداها إليه، وفي النوادر عن أشهب: إن قال: هذه شهادتي فذلك أداء لها اهـ وما استظهره من أن ذلك لعرف تقرر صرح به القرافي إذ قال بعد ما تقدم عنه: وسبب الفرق الموضع العرفي فما وضعه العرف للإنشاء كان إنشاء وما لا فلا. اهـ. وقال ابن العربي: وأداء الشهادة بلفظ الشهادة تعبد لا إدراك عند العلماء لعناه، ولا يجزئ غيره عنه، ونقل إجماع الأمة على أن الرجل لو قال للحاكم: أنا أبين عندك، أو أعلم كذا بدلا من قوله: أشهد لما أصغى إليه ولا قضى بقوله، حتى يقول: أشهد وحكى المازري عن ابن القصار ما حكاه ابن العربي من ذلك، وأن أشهد لفظ مخصوص يتعبد به في أداء الشهادة، وقال المازري: عندي لو قال الشاهد: سمعت كذا أو علمت كذا وفَهِم القاضي منه قصد الشهادة لقضى بذلك، كما يقضي لو قال: أنا أشهد به. اهـ. فما قاله القرافي موافق لما قاله ابن العربي وابن القصَّار، إلا أن
(١) في بناني ج ٧ ص ١٥٦ عند الحاكم الحق لخ ولفظ التنبيهات يبين الحكم والحق لخ ج ٤ ص ٢١٥٩.