فإذا أحرمت به فله قطعها ومجامعتها، ونَظَّرَ فيه الباجي بأنها تريد براءة ذمتها والصلاة يسيرة وصوبه، وأشعر قوله:"يحتاج لها"؛ بأنه ليس له أن يفطرها بالأكل، ولو لم يأذن لها، وقوله:"وليس لامرأة يحتاج لها زوج تطوع بلا إذن"، لم يتعرض فيه المصنف لإفطارها إذا تطوعت بغير إذنه، قال العوفي: لو طلبها فقالت: صائمة -أي تطوعا- لم أطلع فيها على نص. انتهى.
قال عبد الباقي: والظاهر أن له إفطارها، وقال محمد بن الحسن: جزم ابن ناجي بأن له إفطارها كما في الحطاب، وسيأتي للمصنف أن له التحليل في تطوع الحج. انتهى. وكونه له أن يفطرها هو ظاهر كلام الشيخ أبي الحسن، ولا يجوز لها هي الفطر في نفسها كما يأتي عن الباجي، وفهم من قوله:"يحتاج لها"، أنها لو علمت أي أو ظنت كما بحثه المصنف أنه لا يحتاج لها صامت بغير إذنه، ولو جهل حاله فالأقرب الجواز، وفهم من قوله:"تطوع"، أنها لا تستأذن في قضاء رمضان زوجا ولا سيدا؛ وهو كذلك، وليس له أن يجبر الزوجة على تأخير القضاء لشعبان، وفهم منه أيضا أن المسلم لا يكره زوجته الذمية على الفطر في صومها الذي هو من دينها؛ وهو كذلك كما أنه ليس له منعها من شرب خمر وأكل خنزير وذهاب لكنيسة، وهو مذهب المدونة، ولا أن يكرهها على أكل ما يجتنبون في صيامهم أو يجتنبونه رأسا. ابن رشد: وهذا مما لا خلاف فيه. قاله عبد الباقي. وقال الحطاب: وحكم أم الولد والأمة التي للوطء كالزوجة، وأما الخادم التي للخدمة والعبد فليس عليهما استيذان السيد إذا لم يضر الصوم بخدمة السيد. قاله في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم. قال: وإذا أذن لهم في صيام التطوع لم يكن له أن يرجع في الإذن، وإن صاموه بإذنه لم يكن له أن يفطرهم. انتهى.
الباجي: من صام منهن ولو دون إذنه لم يجز فطره، وانظر هل للزوج إفطارهن. انتهى. وقد مر أن ابن ناجي جزم بأن له أن يفطرهن، وهو ظاهر كلام الشيخ أبي الحسن.
ولما أنهى الكلام على ما أراده من فروع الصوم، وكان من حكمة مشروعيته تصفية مرآة العقل والتشبه بالملائكة في وقته، أتبعه بالكلام على الاعتكاف التام التشبه بهم في استغراق الأوقات في العبادات وحبس النفس عن الشهوات وكف اللسان عما لا ينبغي، فقال: