الله عليه وسلم لكنه لم يواظب عليه؛؛ لأنه تارة يعتكف وتارة لا يعتكف، فلا يصدق ضابط السنة عليه. قاله غير واحد. وقال محمد بن الحسن: إن كونه صلى الله عليه وسلم لم يواظب عليه غير صحيح. نقله عن مصطفى. ونقل عن العارضة ما نصه: سنة لا يقال فيه مباح، وقَولُ أصحابنا في كتبهم جائز جَهْلٌ. الأبي: يريد لوجود حقيقة السنة فيه؛ لأنه فعله صلى الله عليه وسلم وأظهره، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها:(كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله (١))، واعتكف أزواجه بعده. انتهى. ومثله لابن عبد السلام، ولفظ التوضيح: والظاهر أنه مستحب؛ إذ لو كان سنة لم يواظب السلف على تركه. انتهى. وما مشى عليه المصنف من أن الاعتكاف مستحب هو المشهور: وقيل بالكراهة، وأخذت مما رواه ابن نافع عن مالك: ما زلت أفكر في ترك الصحابة وقد اعتكف صلى الله عليه وسلم حتى قبض وهم أتبع الناس لأموره وآثاره حتى أخذ بنفسي أنه كالوصال الذي نهى عنه عليه الصلاة والسلام وفعله، والمشهور عن مالك الأول. قاله الشارح. وفي الكافي: أنه في رمضان سنة، وفي غيره جائز، وفي العارضة: أنه سنة. قاله الحطاب.
وصحته لمسلم؛ يعني أن الاعتكاف إنما يصح من مسلم، فلا يصح من كافر لعدم صحة القُرَبِ منه وإن خوطب بها؛ لأن الإيمان شرط في صحة كل عبادة، وقد قدمت أن الذي يعمل بلا إيمان كالذي يبني في الهواء -نعوذ بالله تعالى- مميز؛ يعني أن الاعتكاف إنما يصح من المسلم -كما مر- الميز، لا من صبي غير مميز، ولا من مختبل، ولا مجنون ونحوهم، ويصح اعتكاف الصبي الميزت والرقيق، والمرأة. والمميز: هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب؛ أي أنه إذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه، لا أنه إذا دعي أجاب ولا ينضبط بسن، بل يختلف باختلاف الأفهام، قوله:"وصحته"، مبتدأ، وقوله:"لمسلم"، ظرف لغو يتعلق بالمبتدأ، وخبر المبتدأ قوله: بمطلق صوم؛ يعني أن الاعتكاف إنما يصح بالصوم سواء قيد بزمن كرمضان أو سبب كنذر وكفارة، أو كان مطلقا كتطوع فلا يصح من مفطر ولو لعذر: خلافا لابن لبابة القائل: إنه يصح من غير صوم، ولم يقل المؤلف بصوم مطلق ليلا يخرج رمضان والنذر والكفارة؛ لأن