للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مطلق الصوم يفيد أن المراد الماهية، سواء قيدت أم لا، والصوم المطلق يفيد أن المراد الماهية بقيد، والأول أعم من الثاني، وهذا شيبة بقولهم: مطلق ماء والماء المطلق، ويفهم منه أن من لا يستطيع الصوم لا يصح اعتكافه، كالضعيف، والشيخ الكبير، وما قدمته من جعل الخبر قوله: "بمطلق صوم"، هو لغير واحد، وأما جعل الخبر قوله: "لمسلم"، فيلزم عليه الإخبار عن المصدر قبل الإتيان بمعموله، وقال محمد بن الحسن: الظاهر أنهما -أعني قوله: "لمسلم"، وقوله: "بمطلق صوم" - خبران.

ولو نذرا؛ يعني أن الاعتكاف المنذور يصح بمطلق صوم، فلا يفتقر لصوم يخصه، فيفعل في رمضان وغيره كغير المنذور، وهذا قول مالك وهو المشهور، وقال عبد الملك وسحنون: لا بد للاعتكاف المنذور من صوم يخصه، فلا يجزئ في رمضان، وتحصل مما مر أن الاعتكاف إنما يصح بصوم أي صوم كان، وأنه يصح ويجوز مطلقا، أي سواء كان الاعتكاف والصوم منذورين أو مُتَطَوَعًا بهما، أو كان الاعتكاف منذورا والصوم متطوع به أو العكس، ومعنى نذر الصوم أنه نذر قبل الاعتكاف، ومعنى تطوعه نيته قبل نية الاعتكاف. قاله الشيخ عبد الباقي.

ومسجد: عطف على صوم، يعني أنه يشترط في صحة الاعتكاف أن يكون بمطلق مسجد، سواء كان جامعا أو غيره بشرط أن يكون مباحا لجميع الناس، فلا يصح الاعتكاف في مساجد البيوت، ولو لامرأة، ولا يصح في الكعبة وان جاز له دخولها، خلافا لابن الحاج القائل: إن الاعتكاف يصح في الكعبة.

وبما قررت علم أن معنى الإطلاق في قوله: "ومسجد"، أي مطلق مسجد، سواء كان تصح فيه الجمعة أم لا، بدليل الاستثناء الآتي، وما تقدم من شرط الإباحة في المسجد لجميع الناس هو لمالك، فلا يصح الاعتكاف عنده في مساجد البيوت، لا لرجل ولا لامرأة، خلافا لقول أبي حنيفة: إن المرأة تعتكف في مسجد بيتها، وإنما لم يصح في الكعبة على غير ما لابن الحاج؛ لأن في الكعبة تحجيرا خاصا وهو غلقها في أكثر الأوقات، وعلى قول ابن لبابة والشافعي إنه لا يشترط المسجد يَصِحُّ الاعتكاف في الكعبة، وظاهر القرآن أن في المسجد خصوصية في الاعتكاف لذكره فيه. قاله الحطاب. وقال عن الأبي: يجري عندي الخلاف في صلاة الجمعة في الكعبة