على القول بجواز الفرض، وعلى عدم الإجزاء والإعادة في الوقت، لا تصح الجمعة فيها، ومن هذا النمط بيت القناديل والصومعة وظهر المسجد وغير ذلك، وفي الاعتكاف في بعضها خلاف، وكذلك صعود المنار والسطح، واختلف في الأذان والإقامة لأنه يمشي لقدم المسجد، وكذا من في الكعبة لابد من خروجه منها والصلاة خارجها على مذهب من يمنع الفرض، وعلى قول من لا يشترط المسجد -وهو ابن لبابة والشافعي-: يصح الاعتكاف في الكعبة. انتهى.
الشبراخيتي: ويصح في الباء في بمطلق صوم وفي مسجد أن تكون للمعية، ويصح أن تكون في مسجد للظرفية ويكون ذلك من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه. انتهى. إلا لمن فرضه الجمعة، هذا مستثنى مما استفيد من قوله:"ومسجد"، من مساواة المسجد غير الجامع للجامع؛ يعني أن من تجب عليه الجمعة سواء كان ممن تنعقد به أم لا إذا أراد أن يعتكف زمنا، والحال أن الجمعة تجب به؛ أي في زمن اعتكافه الذي يريده سواء كان ابتداء، كما لو نوى أو نذر اعتكاف عشرة أيام، أو انتهاء كما لو نذر أربعة أيام أولهن السبت، فمرض بعد يومين وصح يوم الخميس، فالواجب لاعتكاف ذلك الزمن الذي تجب فيه الجمعة في الابتداء أو الانتهاء، إنما هو المسجد الجامع، أي لا يجوز له أن يعتكف إلا في الجامع، وهو المسجد الذي تصح فيه الجمعة.
وبما قررت علم أن الواو في قوله:"وتجب"، واو الحال، وأن الضمير في "به"، عائد على الاعتكاف على حذف مضاف، وأن الباء بمعنى: في؛ أي في زمن اعتكافه، والفاء في قوله:"فالجامع"، مدخولها جواب عن شرط يلاحظ؛ أي فإن كان كذلك فالجامع. قاله الشبراخيتي. مما تصح فيه الجمعة؛ يعني أن الشخص إذا اعتكف في المسجد فإنه لا بد أن يعتكف بمكان منه تصح فيه الجمعة تحقيقا في الجامع، وعلى تقدير إقامتها في غيره، وبهذا تعلم أن قوله:"مما تصح فيه الجمعة"، راجع للجامع وللمسجد بتقدير إقامة الجمعة، واحترز بذلك عن بيت القناديل وسطح المسجد وعن الصومعة، وكذا رحبة المسجد الخارجة عنه لعدم دخولهما في المسجد، وقوله:"مما تصح فيه الجمعة"، قال محمد بن الحسن: الظاهر أن من للبيان، وأن تقديره: وصحته بالكون في جزء مسجد؛ وهو ما تصح فيه الجمعة تحقيقا في الجامع، وعلى تقدير إقامتها في غيره. قاله ابن عاشر. انتهى.