للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيأمره حينئذ بالطلاق، وإلا فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم؟ قولان. وأمره للصغيرة ممكن إن ميزت وإلا أوقعه لها. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الإمام الحطاب وقد تقدم: هل هي التي توقع الطلاق أو الحاكم. والله أعلم. وقوله: "فراق العبد" وكذا من فيه شائبة حرية حكمة حكم العبد. نص عليه اللخمي.

وقوله: "فقط" راجع له، ولها أي لمن كمل عتقها فقط فراق العبد فقط دون الحر لمساواته لها حرية، ونقص العبد عنها خلافا لأبي حنيفة، قال: لها فراق الحر أيضا ومنشأ الخلاف خبر الموطإ: [أن بريرة عتقت تحت مغيث فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو راجعتيه، فقالت يا رسول الله: أبأمر منك؟ فقال: لا إنما أنا شافع، فقالت: لا حاجة لي به] (١) وهو عبد عند ابن عباس ومالك -رواه البخاري وغيره وهو الصحيح- وحر عند أبي حنيفة رواه الأسود عن عائشة.

وقال البخاري: هو منقطع، واستشكل بعض أهل العلم رد بريرة لشفاعته صلى الله عليه وسلم، فقيل إنما ردتها لاختيارها لما هو أشرف من عشرة زوجها وهو إقامتها لخدمة أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لأنها خشيت ألا تقوم بحقه لكراهتها له فتقع في محذور، والصواب أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا شافع أنه أطلق لفظ الشفاعة وأراد التخيير، وذلك لأن شرط حقيقة الشفاعة أن يكون الشافع أدنى مرتبة من المشفوع عنده وإلا فهو تخيير كما هنا. قاله الشبراخيتي. وقوله: "ولمن كمل عتقها فراق العبد فقط"، قال الشبراخيتي: هو عطف على قوله: "وللعربية رد المولى المنتسب للعرب". انتهى. والأولى أن "فراق" مبتدأ والخبر "لمن كمل عتقها". وقال الشبراخيتي: وينظر السلطان للصغيرة بالمصلحة وكذا السفيهة ما لم تبادر لاختيار


(١) عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بعض بريرة مغيثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته قالت يا رسول الله تأمرنى قال إنما أنا أشفع قالت فلا حاجة لي فيه. البخاري كتاب الطلاق، رقم الحديث ٥٢٨٣.
- روى سعيد بن منصور عن هيثم عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته فكلم العباس له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطلب إليها فقال لها رسول الله صلى عليه وسلم زوجك وأبو ولدك فقالت أتأمرني يا رسول الله فقال إنما أنا شافع فقالت إن كنت شافعا فلا حاجة لي فيه واختارت نفسها وكان يقال له مغيث وكان عبدا لآل المغيرة من بني مخزوم. التمهيد، موسوعة شروح الموطأ، ج ١٥ ص ١١.