للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعذر مشقة الثبات المذكور لما كثروا فعزيمة؛ وهى لغة: القصد المصمم؛ لأنه عزم أمره أي قطع، وحتم، صعب على المكلف أو سهل. انتهى. وأخرج الطبراني عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: [إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن تؤتي عزائمه] (١))، ولا يرد هذا على ما ذموه من تتبع الرخص؛ لأن مرادهم بالرخص المذموم تتبعها ما ينقض عنه حكم الحاكم، وهو أربعة: ما خالف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي. قاله الشبراخيتي. ففيه يجوز تقليد المخالف في الفروع بشروط الأول: أن لا يلفق بحيث يجمع بينهم على صفة تخالف الإجماع؛ أي إجماع من عمل بقوله أولا، ومن يريد تقليده ثانيا كمن تزوج بلا ولي وبلا شهود، ومن ترك الدلك وقلد الشافعي ولم يبسمل في الفاتحة في صلاته التي ترك الدلك من وضوئها. الثاني: أن يعتقد فيمن قلده الفضل بوصول أخباره إليه ولا يقلده في عماية. الثالث: أن لا يتتبع رخص المذاهب؛ والمراد بالرخص ما ينقض عنها حكم الحاكم وهو أربعة: ما خالف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي. وليس المراد بها ما فيه سهولة على المكلف كيفما كان، فمن قلد مالكا في الأرواث والمياه وترك الألفاظ في العقود لا يقال إنه مخالف لتقوى الله تعالى. وقد أفتى ابن القاسم ولده حين حلف بالمشي إلى مكة بكفارة يمين وقال: أفتيتك بقول الليث، وإن عدت لم أفتك إلا بقول مالك بلزوم المشي، ويجوز التقليد ولو بعد الفعل، فمالكي مسح بعض رأسه وصلى ثم قلد الشافعي صح له ذلك. انتهى كلام الشبراخيتي. وهو مخالف لما قاله ابن زكري عند قول الشيخ زروق في النصيحة الكافية: ومن أعظم الآفات صحبة الأحداث وتتبع الرخص والتأويلات، ونصه تقدم في مبحث الأمر بالمعروف أن تتبع الرخص ممتنع إجماعا، وأن ما ذكر عن أبي إسحاق المروزي من تجويزه غير صحيح، فلا يجوز لأحد أن ينتقد من كل المذاهب أطيبها، فيعتمد قول من رخص في الخلوة بالمرد والنظر إليهم، وقول من رخص في السماع وإنشاد الأشعار المشتملة على ذكر الخدود والقدود، وهكذا يتبع رخص المذاهب. ثم قال: وأعظم بلية من هذا الأخذ بالأقوال الشاذة والتأويلات كعدم قضاء الفوائت على القول بأن قضاء الفوائت


(١) الطبراني في الأوسط الحديث ٨٠٣٢/ ٤٩٢٧. ومجمع الزوائد، ج ٣ ص ١٦٥.