للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنجاسته، وقيل لقذارته، واختار ابن رشد كون المنع مخافة أن يكون الكلب كلبا فيكون قد داخل من لعابه الماء ما يشبه السم، قال: ويدل على صحة هذا التأويل تحديده بالسبع، لأن السبع من العدد المستحب فيما كان طريقه التداوي لا سيما فيما يتوقى منه السم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في مرضه: (هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن (١))، وقال (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضرة ذلك اليوم سم ولا سحر (٢)). الثالث: قال سند: إذا لعق الكلب يد أحدكم فلا يغسلها، ويستعمل الولوغ في الكلاب والسباع ولا يستعمل في الآدمي، ويستعمل الشرب في الجميع وليس شيء من الطير يلغ إلا الذباب، ويقال ولغ يلغ بفتح اللام فيهما ولوغا بضم الواو، فإذا شرب كثيرا فهو بفتح الواو، وقد مر القول بأن الخنزير كالكلب، قال ابن رشد: وإذا لحق به الخنزير فيلحق به سائر السباع لاستعمالها النجاسة واندراجها في الاسم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لعتبة بن أبي لهب: (اللهم سلط عليه كلبا من كلابك (٣)) فعدا عليه الأسد فقتله قاله الحطاب. وقوله: "بلا نية" فإن استعمله في الماء من غير غسل، فهل يغسله بعد ذلك سبعا؟ أو يحسب الاء الذي ألقاه فيه واستعمله مرة [فهذا (٤)] ينبني على اشتراط النية، وإذا استعمله قبل غسله لا يسقط الغسل، ولا يؤمر بغسل ما أصابه ذلك الماء كما فهم من كلام صاحب الطراز وهو ظاهر؛ لأن المذهب طهارته والله أعلم قاله الحطاب. ولما أنهى الكلام على وسائل الطهارة وهي ثلاث: بيان الماء المطهر به، وبيان الأشياء الطاهرة والنجسة، وبيان حكم إزالة النجاسة وكيفيتها، وما يعفى عنه منها، أتبعه بالكلام على مقاصد الطهارة وهي: الوضوء ونواقضه، والغسل ونواقضه، وما هو بدل منهما وهو التيمم، أو عن بعض الأعضاء وهو مسح الخف والجبيرة، وبدأ بالكلام على الوضوء لتكرره ولأنه مطلوب لكل صلاة إما وجوبا وإما ندبا فقال:


(١) البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٩٨.
(٢) مسلم، كتاب الأشربة، رقم الحديث: ٢٠٤٧.
(٣) فتح الباري، ج ٤ ص ٣٩.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من الحطاب ج ١ ص ٢٧٥ ط دار الرضوان.