للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ست: سرف في الماء، واقتصار على الواحدة لغير العالم، وتخليل للحية كثيفة، وكشف عورة، وكلام في أثنائه بغير ذكر الله تعالى، وزيادة في المغسول أو الممسوح على ما حدده الشارع، وهو ثلاث في المغسول واثنتان في الرأس، واعلم أن المشهور أن الاقتصار على الواحدة خلاف الأولى للعالم، وغيره لا مكروه ولا جائز مستوي الطرفين قاله الشيخ عبد الباقي، والوضوء لغة النظافة، وشرعا طهارة مائية تتعلق بأعضاء مخصوصة على وجه مخصوص، وهو غير معقول المعنى عند الكثير من المحققين، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: شرع الاستنجاء لوطء الحور العين، وغسل اليدين إلى الكوعين للأكل من موائد الجنة، والمضمضة لكلام رب العالمين، والاستنشاق لرائحة الجنة، وغسل الوجه للنظر إلى وجه الله الكريم، وغسل اليدين إلى المرفقين للسوار، ومسح الرأس للتاج والإكليل، ومسح الأذنين لسماع كلام رب العالمين، وغسل الرجلين للمشي في الجنة. انتهى قاله الشبراخيتي. وخصت به أطراف البدن دون سائره؛ لأنها المباشرة للخطايا غالبا وللمشقة في تطهير سائره بالتكرر وكأنه بالإحاطة طهر جميعه، وإنما اختص الرأس بالمسح لستره غالبا فاكتفِي فيه بأدنى طهارة.

واعلم أن الجمهور على أن الطهارة فرضت من أول الأمر أي حين فرضت الصلاة، وأن جبريل نزل صبيحة الإسراء فهمز النبي -صلى الله عليه وسلم- بعقبه فتوضأ وعلمه الوضوء، وقال ابن الجهم: كانت في أول الإسلام ثم فرضت في آية الوضوء، وجزم ابن حزم بأن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة، ورد ذلك عليه. نقله الحطاب. وبين الله عز وجل الوضوء بقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، لأنه لم يكن معروفا في الجاهلية بخلاف الغسل من الجنابة فقال {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ولأنهم فهموا معناه من قوله: {فَاطَّهَّرُوا}؛ لأنه بقي فيهم من دين إبراهيم كما بقي فيهم من دينه الحج والنكاح، ولذا نذر أبو سفيان أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزوَ محمدا وأصحابه، وقالوا: رجل جنب لمجانبتهم البيت في تلك الحال.

واعلم أن الوضوء ينقسم إلى خمسة: واجب وهو الذي يفعل لعبادة لا يصح فعلها إلا بطهارة من صلاة وغيرها وليس بتجديد كانت الصلاة فرض عين كالصلوات الخمس أو كفاية كالجنازة أو