والحاصل أن الذي يصلي الفرض جالسا هو من لا يستطيع القيام جملة، ومن يخاف من القيام المرض أو زيادته كالتيمم، وأما الصحيح الذي يحصل له بالقيام الشقة الفادحة فالراجح أنه لا يصلي جالسا، فإن كان مريضا صلى جالسا؛ لأن الشقة في المريض لا يؤمن معها حدوث علة أو زيادتها، وظاهر كلام ابن عرفة أنه لا يصلي جالسا، ومن منع من فعل الصلاة سقط عنه ما لم يقدر عليه من قيام أو ركوع أو سجود أو غيرها، ويفعل ما قدر عليه فلوأكره على ترك القيام مثلا سقط عنه. كما قاله القباب. ويدل له صلاة المسايفة وهو يفيد أنه يؤخر لآخر الاختياري، واعترض بما سيأتي أن الصلاة تبطل بتعمد كلام وإن بكره، وأجيب بأن مراد القباب أنها تجب حيث يضيق. وقد قال اللخمي: إن محل البطلان بالكلام حيث أكره عليه إن لم يضق الوقت، وإلا تكلم وصحت. واعلم أنه لا يتأتى الإكراه على ترك الصلاة بالكلية، كما مر عند قوله: شرط لصلاة. واعلم أن الإكراه في العبادات كالإكراه في الطلاق المشار إليه بقوله:"بخوف مؤلم" الخ. (أو لخوفه) عطف على المستثنى؛ يعني أن القيام تسقط فرضيته لأجل خوف المصلي؛ به؛ أي بسبب القيام؛ أي بسبب صلاته قائما ضررا يبيح التيمم، وسواء حصل ذلك الخوف. فيها؛ أي في الصلاة المفروضة بأن حصل في أثنائها، أي حصل قبل؛ أي قبل الدخول فيها، وفي بعض النسخ: قبلها. ضررا؛ مفعول "خوف" كما فهم من التقرير، وبين المصنف الضرر المبيح لترك القيام بقوله: كالتيمم؛ يعني أن هذا الضرر الذي يسقط فرضية القيام هو الضرر الذي تقدم في باب التيمم؛ يعني خوف المرض أو زيادته أو تأخر البرء. كما قاله الشارح وغيره. ويحتمل أن يكون معنى قوله "كالتيمم" أنه لا خلاف فيه كما في التيمم قاله الشارح. وقوله: أو "قبل ضررا"، كأن تكون عادته إذا قام يغمى عليه أو يسقط أو تحصل له دوخة فصار بهذا كالمريض، فيجلس من أولها. وعلم من المصنف مما يأتي: سقوط القيام عمن لا قدرة له عليه، وعلم أيضا مما هنا بالأحروية، ولا بد أن يكون الخوف هنا مستندا لأمر كإخبار عارف أو تجربة في نفسه أو غيره من مقارب له في المزاج، كما مر في التيمم، وقد يقال: اعتبار الخوف على هذا الوجه يشق في الصلاة، فيعتبر مطلق الخوف الحاصل كما ذكرنا نحوه في الرعاف قاله الشيخ عبد الباقي،