بعزيمة، فقام الناس وحدانا منهم في بيته ومنهم في المساجد، فعات عليه السلام على ذلك وفي أيام أبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم رأى عمر أن يجمعهم على إمام، فأمر أبيا وتميما الداري أن يصليا بهم إحدى عشرة ركعة بالوتر يقرؤن بالمأتين فثقل عليهم، فخفف في القيام وزيد في الركوع فكانوا يقومون بثلاث وعشرين ركعة بالوتر (١)). وقوله:"ثلاث" الخ بالرفع، بدل أو خبر مبتدإ محذوف؛ أي هي ثلاث وعشرون بالشفع والوتر، وإنما أراد المصنف أن يبين اختلافهم في الأفضل فلا يفيد كلامه أن الوتر مندوب، والتراويح على هذه الهيآت شاملة للشفع والوتر.
ثم جعلت ستا وثلاثين؛ يعني أن التراويح بعد عمر رضي الله عنه جعلت ستا وثلاثين بغير الشفع الوتر، وتسعا وثلاثين بالشفع والوتر في زمن عثمان أو معاوية رضي الله عنهما أو عمر بن عبد العزيز. أقوال. ورجح الأول في كلام المصنف؛ أي كونها ثلاثا وعشرين بأنه الذي عليه عمل الناس، واستمر إلى زمننا في جميع الأمصار. قاله السنهوري. والثاني: أي كونها تسعا وثلاثين بالشفع والوتر هو اختيار مالك، كما في المدونة قائلا هو الذي لم يزل عليه عمل الناس؛ أي بالمدينة بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلا ينافي قول السنهوري.
وكره مالك نقصها عما جعلت بالمدينة؛ يعني كونها ستا وثلاثين بغير الشفع والوتر، ووقع في نسخة الشارح تسعا وثلاثين أي بالشفع والوتر، قال العلماء: وسبب ذلك أن الركعات العشرين خمس ترويحات، كل ترويحة أربع ركعات، وكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين سبعة أشواط، ويصلون ركعتي الطواف أفرادا، وكانوا لا يفعلون ذلك بين الفريضة والتراويح، ولا بين التراويح والوتر، فأراد أهل المدينة أن يساووهم في الفضيلة، فجعلوا مكان كل أسبوع ترويحة، فحصل أربع ترويحات، وهي ستة عشر تضم إلى العشرين تصير ستا وثلاثين ومع ركعات الشفع والوتر تصير تسعا وثلاثين. قاله البساطي في شرح البردة. قاله الشيخ إبراهيم. وقوله: ثم جعلت ستا وثلاثين، قال بعض الشراح: ثم بعد وقعة الحَرَّة؛ وهي بفتح الحاء: موضع بين المدينة والعقيق، وقصتها أنه لما قتل الحسين بن علي خلع أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية، وأخرجوا
(١) النوادر، ج ١ ص ٥٢١. وأصله في الصحيحين والموطإ.