المصنف للقابسي، وقاله بعض المتأخرين تأويلا على المدونة، قال في البيان: وهو بعيد في التأويل، غير صحيح في النظر. واحتج القابسي بظاهر قول مالك: لا يحسن القرآن ولم يفرق بين أم القرآن وغيرها، قال: وهو واضح كمن ترك قراءة السورة عمدا، وهذا القول شهره ابن الحاجب.
ابن رشد: معنى قوله في المدونة: لا يحسن القرآن؛ أي لا يحفظ ممه شيئا فلا يعرفه. والقول الثاني: وهو قوله أو في الفاتحة؛ أي كون الاقتداء باللاحن يصح إذا كان إنما يلحن في السورة، وأما إن لحن في الفاتحة فلا تصح صلاة المقتدى به غير المعنى أم لا، وجد غيره أم لا كثر أو قل لابن اللباد، ووافقه ابن أبي زيد، ورأى أن الإمام لا تصح صلاته أيضا. والقول الثالث: إليه ذهب ابن القصار وعبد الوهاب. والقول الرابع: وهو أن ذلك مكروه ابتداء، هو الذي ذهب إليه ابن حبيب: واختاره ابن رشد -كما مر- لأن القارئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن، بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها، قال الإمام الحطاب: والذي يقتضيه كلام اللخمي وابن رشد أن صلاة اللاحن في نفسه صحيحة مطلقا، وإنما الخلاف في صلاة من اقتدى به؛ وهو الذي يقتضيه كلام ابن يونس. والذي يقتضيه كلام المازري، وعبد الحق، والصنف في التوضيح: أنه إذا بطلت صلاة المقتدي بطلت صلاة الإمام، وسبب الخلاف: هل يخرج اللحن الكلمة الملحون فيها عن كونها قرءانا ويلحقها بكلام البشر أولا يخرجها عن كونها قرءانا؟
تنبيهات: الأول: قد مر أن أصح الأقوال الستة القول بالصحة مطلقا، ويليه في الرجحان القولان اللذان ذكرهما المصنف.
الثاني: قال الإمام الحطاب: إذا وقع اللحن من المصلي في الصلاة فلا يخلو، إما أن يكون سهوا أو غير سهو، فإن كان سهوا فلا شك أن ذلك لا يبطل مطلقا: وإن كان غير سهو فلا يخلو إما أن يكون عمدا مع القدرة على الإتيان بالصواب أو أتى به المصلي لعدم قدرته على الإتيان بالصواب، فإن كان ذلك مع القدرة على الإتيان بالصواب فلا شك في بطلان صلاته وصلاة من اقتدى به، لأنه تكلم بغير القرآن في الصلاة عمدا، وإن كان لعدم القدرة على الإتيان بالصواب، فإن كان لعجز طبيعي أو لضيق الوقت مع عدم القدرة على الائتمام بمن لا يلحن في الوجهين، فلا شك في