للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على هذا الشرط قوله: فلا ينتقل منفرد لجماعة واعترض المص بأنه لا يتأتى اقتداؤه به من غير نية، وأجيب بأن المراد شرط له نيته من أول الصلاة، فلوأحرم شخص منفردا ثم في أثناثها إلى آخر ما مر، وقوله: "وشرط الاقتداء نيته"، قال الأبي: لما ذكر بعض مدرسيه التونسيين أن شرط اقتداء المأموم نيته شق على بعض الحاضرين، وقال: ما أصنع؟ ما نويت هذا قط، فقال الشيخ المدرس: إنك لا تحرم حتى يحرم، ولا تركع حتى يركع، فقال: بلى، فقال: تلك هي نية الاقتداء. انتهى. والاقتداء أن يَتِّبعَ مُصَلّ غيره في جزء من صلاته، والإمامة أن يتَّبَعَ مصل في جزء من صلاته غير تابع غيره فيه. انتهى. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي: وأجيب عن الاعتراض المذكور أيضا بأن يراد بالاقتداء مطلق المتابعة؛ وهو يصدق بأمرين: أحدهما اتباعه على أن يحمل عنه ما يحمله الإمام عن مأمومه، وهذا لابد فيه من نية الاقتداء، فإن نوى حمله لما ذكر ولم ينو الاقتداء بطلت صلاته ثانيهما: أن يتابعه في أفعاله لا على أن يحمل عنه ما ذكر، ويأتي في صلاته بما تتوقف صحتها عليه، فهو إنما يتابعه صورة لا حقيقة، وهذه لا يشترط فيها نية الاقتداء، وصلاته صحيحة بدونها. وإنما يحصل هذا غالبا ممن يعلم قادحا في صلاة الإمام، ويخشى ضررا بصلاته منفردا عنه ومن بعض أهل البدع الذين يرون بطلان إمامة غير المعصوم. انتهى. وقال الشيخ محمد بن الحسن: التحرير هوأن الشرط هو كون نية الاقتداء أوَّلًا لا وجودها؛ لأن فقدها لا يبطل الصلاة. انتهى. ويدل له ما تقدم عن الأبي وابن الحاجب، وبهذا علم أنه لا تناقض بين عدها هنا شرطا وعده لها في فرائض الصلاة ركنا، فكأنه قال: يشترط لهذا الركن أن يكون من أول الصلاة كالإحرام بخلاف ركنية الركوع، وقال الشبراخيتي: إن محل بطلان صلاة المنفرد إذا انتقل لجماعة إنما هو إذا ترك الركن القولي الذي هو قراءة الفاتحة، وإلا كانت صلاته صحيحة. بخلاف الإمام؛ يعني أن الإمام ليس كالمأموم في شرطية النية، فإن نية اقتداء المأموم شرط في صحة صلاته، والإمام نية الإمامة ليست شرطا في صحة صلاته ولا صلاة من يقتدي به سواء أم رجالا أو نساء. وفي سماع موسى: أن من أمَّ نساء تمت صلاتهن إن نوى إمامتهن، وأخذ منه ابن زرقون وجوب نية الإمامة في إمامة النساء.